0
 جدة (زوايا) أروى السبيعي

تستقبل جدة العاصمة الاقتصادية للسعودية عيد الفطر المبارك بعودة حية لتراث العيد من جديد فيميز مدينة جدة خلال أيام العيد نشاط الحركة في الشوارع والميادين حيث يلهوا الأطفال بالمراجيح التي تسمى (المداريه) ويستمر هذا الحراك إلى اليوم الثالث من أيام العيد ولكن مع تغير إيقاع العصر تغيرت بعض المظاهر والعادات الجداوية في العيد وكادت بعض الملامح ان تضيع وسط زحام العصرنة وتطور الأزمنة إلا أن بعض الأحياء الشعبية مثل المظلوم والشام والعيدروس واليمن ما زالت تحافظ عليها .
وكانت النسوة في جدة يحرصن على التفرغ لحياكة الملابس قبل حلول العيد بأسبوع كامل ويضعن المفارش وأغطية الوسائد في الكرويتة وهي أشبه بالكنب ويتم تقديم الحلويات الشعبية كالدبيازة التي لا تخلو أيضا من المكسرات والفواكه الجافة مثل المشمش وقمر الدين كما لا تخلو الموائد من الوجبات المعروفة مثل الملوخية الجافة والمنزلة بالطحينة والهريسة واللبنية والمفروكة فالعيد في الماضي كان موسما للقاء الأقارب والإفطار الجماعي بينهم ويحرص كل بيت على تجهيز قارورة عطر وورقة وقلم ليسجل فيها الزائرون أسماءهم حال غياب الأسر في زيارات أخرى .
وكان للأطفال في حارات جدة مظهر آخر للفرح حيث ترتدي الفتيات (الكُرتة) ويتم تفصيلها بـ (الهندازة) ويأتي الخياط إلى المنزل وكان الطلب عليها كثر نظرا للموضة واختلافها فالزواجات الكبيرة دعت للطلب الكبير عليها نظرا للقيام بها بأعمال يدوية تلفت الانتباه فالفتيات يبدعن في مجال صنع هدايا العيد للأطفال حيث يقام بوضع القروش في جرة فخارية قديمة وتقوم الفتاة بوضع سلاسل ذهبية لتقوم بسحب القروش من داخل الجرة كعمل تراثي .

وتمثل برحة العيدروس في المنطقة التاريخية بجدة موقعاً لاحتفالات العيد لسكان حارة اليمن كما أن برحة الفلاح كانت تقام فيها احتفالات سكان حارة المظلوم إضافة إلى برحة سنبل والتي كانت موقعاً عاماً لتجمع المحتفلين بالعيد وكانت هذه البرحات الثلاث تتميز بالمراجيح الخشبية التي يسمع أصوات صريرها من أمكنة بعيدة حيث إن هناك بعض العوائل كانت مشهورة بإقامة المراجيح مثل عائلة غراب كما كانت هذه البرحات تشهد سباق الخيول ورقصة المزمار والعديد من الوان الفنون التي تجمع بين الرقص والغناء ودق الطبول إضافة إلى بعض الألعاب الشعبية.
وكانت أفراح الأعياد تتركز في أحياء جدة القديمة الثلاثة وهي حارة اليمن والشام والمظلوم وكانت هذه الاحياء تتواصل بعضها البعض ففي أول أيامها كان مخصصا للتزاور بين الاهل فيما بينهم وفي اليوم الثاني كان اهالي حي المظلوم وحي الشام يعايدون على اهل حي اليمن وفي ثالث ايام العيد كان اهل حي اليمن واهل حي الشام يعايدون على اهل حي المظلوم اما في آخر ايام العيد المبارك فقد كان اهالي حي المظلوم واهالي حي اليمن يعايدون على اهل حارة الشام .
وتقف هذه الحارات شاهدة على أفرح الآباء الذين كانوا يتسابقون فيها على لعبة المزمار ولعبة الشبرية وايضا لعبة (البربر) ذات الأركان والصناديق والتي يتخطاها الواحد بقدم واحدة دون ان تدوس قدمه الاخرى بعض الصناديق هذا بخلاف التسابق بالخيول او الحمير ففرحة العيد في ذلك الوقت لم تكن كما يقال هذه الايام هي فرحة خاصة بالاطفال فقط بل كانت فرحة للجميع حتى النساء اللاتي يجتمعن مع بعضهن البعض ويرقصن ويرددن الغناء الفرايحي الذي عادة ما يكون مصحوباً ببعض الصفات لفلذات اكبادهن حيث تشتاق هذه الأيام إلى تلك الحقبة الزمنية حيث المباهج إلى هذه الأحياء رغم ان برحة الفلاح ما تزال حتى الآن محافظة على مظاهر افراح عيد الامس وذلك بنصب المراجيح الخشبية فيها والتجمع في مركاز العمدة حيث يتسابق اهل الحي بالمعايدة على بعضهم البعض .

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى