بقلم : الدكتور أبو بكر الشامي:
بهذه الأهازيج الوطنية الهادرة صدحت ولا زالت تصدح منذ عدّة أيام ، حناجر أهلنا في حوران الحبيبة ، مؤكدة في ذلك على استمرارية الثورة السورية المباركة التي عمّدتها بدم الشهداء الأبرار من أبنائها ، والتي انطلقت شرارتها في الخامس عشر من شهر نيسان الجاري ولا زالت مستمرة بفضل الله ، ومن وحي هذه الثورة المباركة ، وتلك الأهازيج الحماسية المؤثرة ، أضع أمام الشعب السوري الثائر العبر والدلالات التالية :
أولاً : من جنوب الوطن الحبيب ، ومن حوران العز والشموخ نفسها ، كانت قد انطلقت الثورة السورية المباركة لطرد المحتلين الفرنسيين في بدايات القرن الماضي ( 1925 ) والتي خاض فيها أبناء حوران الأبطال ، مع الفرنسيين المحتلين ، أروع الملاحم الجهادية المباركة في ( معركة المزرعة ) التي كسروا فيها ظهر المحتل الفرنسي الغاصب ، ودوّخوا قياداته ، الأمر الذي أربك الفرنسيين ، وأفقدهم صوابهم ، ودفعهم إلى إرسال كل ما لديهم من قوات وتعزيزات عبر مرفأ بيروت ، مما اضطر الثوار البواسل إلى الاستنجاد بأهلهم في الجبل بقيادة السلطان باشا الأطرش .
وهاهي حوران اليوم تعيد ألق التاريخ وأمجاده ، فتفجّر الثورة المباركة ، وتعمّدها بالدم الطهور من أبنائها لتقوى وتستمر بإذن الله حتى تحقيق كامل أهدافها في الحريّة والكرامة والعيش الكريم.
ثانياً : وعندما استنجد ثوار ومجاهدو حوران الأبرار بإخوانهم وأبناء وطنهم في جبل العرب ، نادى سلطان باشا الأطرش ، بأعلى صوته والتاريخ أذنٌ تسمع أن : ( لبّيك حوران ) ، ووضع كل إمكانات الجبل ( الدروز والعلويين ) تحت تصرف إخوانه وأبناء وطنه الحورانيين ، وجهّز جيشاً لجباً قاده بنفسه لنجدة إخوانه متحدّياً بذلك التقسيمات الاستعمارية البغيضة التي فرضها المحتل الغاصب ، والتي قسّموا بموجبها الوطن الواحد الموحّد إلى دويلات فئوية ( حلب + دمشق + دروز + علويون ) بهدف التناحر والتصادم والاقتتال فيما بينها ، وضرب أروع صور البطولة والوطنية في قتال المحتل الفرنسي الغاصب ...
وهاهي حوران اليوم ، بل سورية كلها ، ترمق نخوة أهلنا في الجبل ( دروزاً وعلويين ) ليقفوا وقفة القائد سلطان باشا الأطرش والمجاهد الشيخ صالح العلي مع أهلهم وأبناء وطنهم في حوران وسورية كلّها ، ضد الظلم والعبودية والإذلال ، ليثبتوا للسوريين والعرب والعالم أجمع ، بأن سورية الحبيبة هل ملك لكل أبنائها السوريين الشرفاء ، وليست مزرعة لآل أسد وآل مخلوف وأزلامهم ...!!!
ثالثاً : لنقف على دلالات حرق الشباب الثائر الغاضب في درعا لمقرات ( الحزب ، والقصر العدلي ، وشركات الاتصالات ) ...!!!
يا أبناء شعبنا السوري العظيم ...
أيها العرب والمسلمون ...
يا أحرار العالم ...
ماذا يعني حرق تلك الرموز الثلاثة في سورية .!؟
إنه يعني الغضب والثورة على الظلم السياسي المتمثّل في حكم الحزب الواحد والفرد الواحد والعائلة الواحدة منذ ما يزيد على نصف قرن ، وتهميش كل فئات الشعب الأخرى وطبقاته .
والغضب والثورة على الظلم القضائي المسيّس ، الذي يسمح لأجهزة الأمن المتغوّلة التابعة مباشرة للعائلة الأسديّة ، بأن تعتقل الآلاف من أبناء شعبنا المظلوم ، حتى لو كانوا أطفال مدارس قاصرين ، كما حصل لأبناء درعا الأحرار ، أو طاعنين في السن كما حصل مع المناضل هيثم المالح وغيره ، وتزجّ بهم في غياهب الزنازين ، ولعشرات السنين ، بدون أية تهمة ، أو محاكمة ، وبدون أن يعلم أهلهم وذويهم أو أية جهة قضائية أو منظمة إنسانية أي شيء عنهم ، أو حتى عن مكان اعتقالهم .
أما ما يتعرّضون له داخل تلك الزنازين المظلمة ، فذلك الحديث عنه يفتت الأكباد الرطبة ، ويقطع نياط القلوب الحيّة ...!!!
أخيراً ، وليس آخراً ، الغضب والثورة على الظلم المالي والاقتصادي ، وسرقات آل مخلوف وفضائحهم التي أزكمت الأنوف ، والتي حوّلوا بموجبها سورية الحبيبة إلى واحدة من أكثر دول العالم فساداً ، كما حوّلوها كما ذكرنا سابقاً إلى مزرعة لهم ولآل الأسد وآل شاليش وبعض العوائل المتنفّذة ، وتركوا الآلاف المؤلّفة ، بل الملايين من أبناء الشعب السوري يتضورون جوعاً ، ويعيشون تحت خط الفقر ، مما اضطر الملايين منهم للهجرة خارج الوطن بحثاً عن الكرامة ولقمة العيش .
يا أبناء شعبنا السوري العظيم من جنوبه إلى شماله ، ومن شرقه إلى غربه ...!!!
من أجل ذلك ، وغيره الكثير ، نرى أن تحافظوا على جذوة ثورتكم المباركة متّقدة ، وتزيدوا زخمها لتعمّ الوطن كلّه ، ولا تتركوا الطغاة يستفردوا بمدينة بمفردها ، كما يحصل الآن في درعا وجاسم الحبيبتين ، وتطوّروا أساليبها ، وتحافظوا في نفس الوقت على سلميتها وتحضّرها حتى لا تعطوا المسوّخ للطغاة والسفاحين والمجرمين لضربها وإجهاضها ، ونحن على يقين تام بأن دم الشهداء الطاهر ، الذي سال على ثرى حوران البطلة سيكون حافزاً عظيماً لتأججها ، وضريبة طاهرة لديمومتها ونجاحها ...
بسم الله الرحمن الرحيم (( إنّ الله يحبُّ الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص )) صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم ((إن تنصروا اللهَ ينصركم ، ويثبّت أقدامكم )) صدق الله العظيم
دمشق : في السابع عشر من ربيع الآخر 1432 هجري
الموافق للثاني والعشرين من نيسان / أبريل / 2011 ميلادي
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم