ينتشر
المزارعين في أراضيهم على طول الشريط الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل
وبهمة يزرعون أراضيهم قبل هطول المطر
تقرير: أسامة الكحلوت / غزة
أشرقت
شمس نهار جديد على أرض الحاج معمر الجديلي، وألقت بأشعتها لتعكس لونها في
ملامحه السمراء، فعلى الرغم من سنوات عمره التي تجاوزت الخمسين عاماً عكف
الحاج على زراعة أرضه بكل حيويته ونشاطه، وأخذ ينثر البذور في الأحواض
المخصصة لها آملاً بزرع جديد يتجدد معه الأمل بعد تمكنه من الوصول إلى
أجزاء أرضه التي حرم منها فترة من الزمن، فالقوانين الصارمة التي فرضتها
سلطات الاحتلال كانت بمثابة قيد شل حركة المواطن ألغزي وحرمته من التنقل
داخله أرضه الزراعية بحرية، وكانت الهدنة طوق النجاة المنتظر.
زراعة تجدد الحيوية
فعلى
بعد أمتار قليلة من الحدود وقف الحاج معمر يتأمل أحواضه الزراعية الجديدة
وابتسامته لا تفارق وجهه وبدأ حديثه واصفاً مدى السعادة التي يشعر بها
قائلاً: "لأول مرة منذ سنوات أتمكن من التنقل داخل أرضى كونها ملاصقة
للحدود وتقع داخل الحزام الأمني"، مضيفاً: "هذا القانون الإسرائيلي منعنا
من دخولها فترة طويلة وأنا اليوم هنا مع أولادي وزوجتي بكل سرور وفرحة نزرع
أرضنا بعد سريان مفعول الهدنة بين إسرائيل وحماس".
الحاج
معمر الذي عمل طوال حياته مزارعا داخل أرضه يجنى ثمارها ويبيعها في
الأسواق ويعيل أسرته من هذه الأرض ولكن منذ سنوات لم يتمكن من دخولها نتيجة
موقعها الخطير على حياته حسب قوله.
وتابع
مشيراً إلى حدود أرضه الممتدة: "من الآن فصاعدا سأزرع أرضى رغم كبر سني
وبمساعدة أولادي سأجنى ثماري التي حرمني منها الاحتلال طوال السنوات
الماضية".
زيتون رمز العزة والصمود
في مكان ليس ببعيد عن سابقه وقرب
السياج الأمني الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة في بلدة بيت حانون جلس أبو
أحمد الحويحي 53 عاما متأملاً أرضه وعلامات الراحة ارتسمت في ملامحه وعلى
خطوط وجهه الدقيق بعد أن حرم من الوصول إليها منذ اثني عشر عاماً.فقد أوضح المزارع الحويحي، أنه لا يزال يحلم ولا يصدق عينيه التي عادت لترى أرضه بعد أن حرم منها 12 عاماً.
وشرد ببصره وكأنه يستذكر مامضى قائلاً: "تبلغ مساحة أرضي سبعة دونمات وهي ملاصقة للسياج الفاصل مع إسرائيل، ومنذ بداية الانتفاضة عام 2000 وبعد تصاعد التوتر قام الجيش الإسرائيلي بتجريف أرضي التي كنت أزرع فيها القمح وطردوني منها".
وبدأ الحويحي بالتجهيزات اللازمة والبحث عن العمال، كما يقول من أجل إعادة حرث أرضه من جديد والبدء بزراعتها.
أشجار
الزيتون والحمضيات إلى جانب القمح هي ما سيميز أرض الحويحي فيتابع حديثه:
"سأعمل على زراعة شجر الزيتون رمز العزة والصمود إلى جانب الحمضيات والقمح
التي تشتهر بها أراضينا الفلسطينية واليوم أشعر بالفخر الشديد وأنا أرى
أبنائي يشاركونني فرحتي ويضعون بصمتهم في أرضهم".
لم أكن أتخيلها
ملأ
صوت أبو أحمد زبيدي أرجاء المكان في إحدى الأسواق الغزية وهو ينادي ويعرض
ثمار الليمون وقد احتشد عدد من الناس تلبية لنداءه، فاللون الأصفر البراق
كان دافعاً لشرائها، وبعد انتهائه من البيع بدأ يلملم حاجياته ليعود لبيته
وقد جني قوت بيته وعائلته، وقبل مغادرته سألناه عن آثار الهدنة عليه فقال:
"لم أتخيل يوماً أنى سأقطف شجر الليمون داخل أرضى على الحدود الشرقية لغزة
لولا الهدنة وانتصار المقاومة الفلسطينية".
واسترسل
في حديثه: "لم أصدق الخبر حين سمعت أنه بإمكاني قطف ثمار أرضى التي تقع
على الحدود مباشرة مع إسرائيل فقد بلغني صديقي أن الهدنة تسمح للمواطنين
بزراعة أراضيهم وقطف ثمارهم الواقعة على الحدود".
بصدر
يملؤه الفخر وبعيون لامعة تعكس فرحة صاحبها تابع أبو أحمد قائلاً: "ذهبت
إلى أرضى وبدأت أقطف ثمار شجر الليمون بعد أن مرت سنوات لم أقطف منه حبة
واحدة نظرا لوجوده بالقرب من السياج الفاصل فبفضل الهدنة تم إلغاء الحزام
الأمني وبات التنقل في أراضينا أهون مما كنا نتخيل".
ظهور النعيم
وينتشر
المزارعين في أراضيهم على طول الشريط الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل
وبهمة يزرعون أراضيهم قبل هطول المطر حتى يتسنى للبذور الدخول داخل الأرض
بفعل المطر المتوقع هطوله في الأيام المقبلة على غزة حسب الأرصاد الجوية.
وبدأ
النعيم يظهر في الأسواق الغزية حيث كانت معظم هذه الثمار والسلع تستورد من
إسرائيل نتيجة عدم توفرها في غزة ووجودها على الحدود.
وكانت
إسرائيل منذ سنوات قد فرضت على الفلسطينيين حزام أمنى بمسافة 300 متر يمنع
دخول الفلسطينيين إلى أراضيهم تحت أي سبب من الأسباب.
وقد
شنت إسرائيل حرب على قطاع غزة لمدة ثمانية أيام وذلك بعد اغتيال أحمد
الجعبرى رئيس أركان كتائب القسام وانتهت الحرب بهدنة ووساطة مصرية بين
إسرائيل وحماس بعدما وصلت صواريخ القسام لقلب تل أبيب والقدس.
وتقع
نسبة كبيرة من أراضى المواطنين المزروعة على الحدود الشرقية لقطاع غزة حيث
تشمل هذه الأراضي الفواكه والخضار بفعل خصوبة التربة والبيئة الزراعية
التي تسمح بنمو جميع المحاصيل الزراعية.
اكتفاء ذاتي
ويعلق
فوزي مطير "30 عاما" الذي يعمل موظفاً في الحكومة على الوضع الجديد
قائلاً: "الأسواق امتلأت بالبضائع الفلسطينية والتي نعتبرها من خيرات
بلادنا وتحمل نكهة أرضنا المسلوبة والطابع الفلسطيني".
وأوضح
أن الأرض الفلسطينية تتمتع بخصوبة عالية الجودة تسمح للمحاصيل الزراعية
بالنمو داخل هذه الأرض بجودة عالية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يبشر باكتفاء
ذاتي داخل قطاع غزة للمحاصيل الزراعية بعد توفر جميع الخضروات والفواكه فور
إلغاء الحزام الامنى المفروض على المزارعين.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم