5
 يبدأ مع موقع "زوايا" الإخباري بنشر مقالات للدكتور أمجد مهنا من خميس مشيط ويعمل بجامعة الملك خالد متخصص في الأدب الإنجليزي ويشرفنا نشر مقالاته ليعد إضافة جميلة لموقع زوايا الاخباري 

 د : أمجد مهنا 
 أدب" تشارلز ديكنز " كان وسيلة للبحث عن :المدينة الفاضلة والدولة المستقرة ، عندما أرخ ديكنز لبريطانيا كان ذهنه متجها نحو الشرق الاسلامي
بقلم : د:  أمجد مهنا :
ظلت روح الشرق الاسلامي تبث بالروائح العطرة في انحاء اوروبا كلها ، وذلك منذ ان قام العلماء المسلمون الأوائل بترجمة الفكر اليوناني القديم من اللاتينية واليونانية القديمة الى العربية.

ولقد كانت هذه الترجمات العربية اكبر هدية قدمها علماؤنا الاوائل من المسلمين الى شعوب اوروبا التي كانت تعج في ظلام دامس وتخلف ثقافي شديد ..


ورغم ما حدث من نكران من قبل كثير من مفكري اوروبا تجاه جهود المسلمين العرب الاوائل .. الا ان بعضا من مفكري اوروبا اللمع ظلوا محتفظين بالجميل والعرفان لهذه الجهود الهائلة .. من بين هؤلاء المفكر الفرنسي والفيلسوف الذي اسلم : روجيه جارودي ، ومن قبله زميله الفيلسوف الفرنسي (لوبون) ..


وهذان الرجلان معروفان بصراحتهما الشديدة تجاه الجميل والعرفان نحو جهود المسلمين العرب الاوائل لخدمة الثقافة في اوروبا.


لكن هناك من المفكرين المشهورين في انحاء اوروبا من كان فكره وذهنه متجهين الى الشرق الاسلامي في محاولة جادة لايجاد الردود على اسأله كثيرة كانت تدور في أذهانهم ، ومن هؤلاء الكاتب والاديب الانجليزي من الأدب العالمي


المشهور : تشارلز ديكنز ..


ذلك الرجل الذي ظل طوال حياته مشغولا بسؤالين هامين وجد اجابتهما في الشرق الاسلامي ولم يجدهما في اوروبا .. سؤال عن المدينة الفاضلة وأخر عن الدولة المستقرة ..


وكان ان كتب ديكنز كتابين هما :


        فجر التاريخ الانجليزي


        قصة مدنيين


فهل استطاع ان يجد الاجابة على السؤالين اللذين وجد اجابتهما في الشرق الاسلامي ولم يجدهما في اوروبا ..؟؟


هذا ما سنتبينه من خلال السطور القليلة الاتية ..

البحث عن الدولة المستقرة


حينما شرح "تشارلز ديكنز" في كتابه "مهد التاريخ البريطاني" كانت عيناه متجهتين الى الشرق الاسلامي في تلك الفترة التي شرع فيها بتأليف الكتاب . ليس هذا فحسب ، بل انه عندما كتب قصته المشهورة "قصة مدينتين" كان ايضا ينظر بعين حانية الى الشرق الاسلامي، فلقد تساءل من اعماقه قائلا :


- اين هي المدينة الفاضلة التي يمكن ان يتخيلها العقل الانساني كاحسن صورة للمدينة وكاحسن مواطن يسكنها؟


واضاف "ديكنز" الى هذا التساؤل الكبير سؤالا اكبر فقال :


- وايضا اين هي الدولة التي يسكنها شعب يرتبط بكلمة واحدة تجعل مسيرتهما كاحسن نموذج عالمي يسجله التاريخ البشري؟ نعم ! كلمة واحدة طيبة .. اين هي؟ وما هي؟


حول هذين السؤالين : المدينة الفاضلة ، والدولة التي تسير بدفة كلمة واحدة قويمة .. كان صراع ديكنز النفسي الذي جعله يكتب هذين الكتابين : "مهد التاريخ البريطاني" و "قصة مدينتين"!


في الكتاب الاول كان يبحث في تاريخ انجلترا عن الدولة التي عانت كثيرا للبحث عن كلمة واحدة مستقيمة او قويمة تربط بين الشعب الانجليزي وحكامه ..


وسجل في هذا الكتاب انواع الصراعات الدموية على مدار التاريخ الانجليزي للوصول الى مبادىء ثابتة يؤمن بها الحكام الانجليز والشعب الانجليزي.


وذكر في هذا الكتاب قصة ما عرف باسم "الماجنا كارتا" وتعني "الميثاق الاعظم" الذي حاول البريطانيون ارساءه على مدى العصور لتسجيل المبادىء العلاقية التي يمكن ان يتفق عليها المواطنون .


وتعب تشارلز ديكنز كثيرا وهو يتابع حركات الشعب البريطاني للوصول الى علاقات ثابتة ومبادىء عامة هامة يحترمها الجميع.
لماذا نجح الشرق الاسلامي
وبين كل فصل وفصل كان يتوقف ديكنز قليلا ليستدير بعينيه وراسه الى الشرق الاسلامي وهو يتساءل : كيف استطاع الاسلام فعلا ان يربط بين شعوبه وحكامه بكلمة واحدة قويمة؟
لم يستطع "الماجنا كارتا" او الميثاق الاعظم ان يحقق شيئا : فكل الذي تحقق كان على الدم والصراعات الدموية وكلها صراعات نفعيه ماديه بحته !!؟
ان هذا الكاتب الانجليزي الكبير كان يحاول فقط ان يجري مقارنة بين تاريخ الشعب الانجليزي منذ فجره الاول وبين الدولةة الاسلاميه التي قامت كلها : بحضارتها وعظمتها وقوتها - على كلمة واحدة هي كلمة : لا اله الا الله محمد رسول الله !


وشعوب اوروبا كلها تعرف "الماجنا كارتا" او الميثاق الاعظم .. والذي حاول الشعب الانجليزي ان يرسي دعائمه بصراعات طويلة ودموية قاتلة .. ولكن كانت النهايه انه لم يتحقق سوى القليل ، وهو قليل ينصب على الماديات وحدها. ولذلك لم يستطع هذا "الميثاق الاعظم" ان يقضي على كثير من نوازع الشر في الدولة البريطانية ، فهناك في التاريخ البريطاني كثير من الخيانات للوصول الى تحقيق المنافع الذاتية فقط ، وسجل دكنز كل هذه النهايات المؤلمة التي ادت اليها صراعات الشعب الانجليزي من اجل البحث عن "الدولة البريطانية كما يجب ان تكون".





اهمية تشارز ديكنز


ويرجع النقاد اهمية تشارلز ديكنز الى اشياء كثيره:


منها قوة الاسلوب والصبر العظيم في تسجيل تفاصيل الشخصيات الروائية او التاريخية ، وفي البلاغة اللغوية وفي رسم الشخصيات وتصويرها بصور واقعية وبظلال واضحة تجسدها النوازع الانسانية العادية والطموحات البعيدة والتقاليد الموروثة.


ومنها ايضا صبره الاعظم لايجاد الدولة البريطانية التي كان يتخيلها ..


فقد كان في حسه نوع من الحدس ، ذلك الحدس الذي كان يتصف به الفيلسوف برجسون وهو قدرته على استلهام المستقبل كامكانية مختاره بدقه وبتأثير دراسة معينة ، او بتأثير صورة ليست بين يديه ، ولكنها موجودة في مكان بعيد ..


اين هو هذا المكان؟


هل هو موجود خارج الجزيرة البريطانية؟


أم في اماكن اخرى كان على بريطانيا ان تحتلها بالقوة المسلحة ، اعني الاستعمار؟


ام هو في المغامرات الفردية والجماعية لاجتياز المجهول على امل العثور على "الحقيقة الضائعة" ؟!


ان كثيرا من الانجليز الذين اتوا الى الشرق الاسلامي اسلموا واستوطنوا ..


واعلنوا ان : ها هنا يوجد حلم ديكنز الشهير !!
كانت عينا ديكنز وهو يكتب هذين الكتابين على الشرق الاسلامي
ففي الاسلام - وهذه هي النتيجة النهائية التي توصل اليها ديكنز - وغيره - في الاسلام تقوم الدولة الراسخة .. وفي الاسلام تقوم المدينة الفاضلة .. ولكن ديكنز لم يواته الاجل لكي يبحث عن اسباب نجاح الاسلام في اقامة الدولة الراسخة والمدينة الفاضلة.


ذلك ان ديكنز كان يحتاج الى عمر اخر ليتعلم الكثير عن القران ولغته العربية .. لغتنا الجميلة !!















إرسال تعليق

  1. شكرا د.أمجد على هذه المقالة الرائعة ، أتمنى أن تثرينا بالمزيد.

    عبدالله مبارك
    قسم تقنية المعلومات
    جامعة الملك خالد

    ردحذف
  2. كلام وتعبير راقي منتدفق من منبعك الصافي ..
    كتبت فأبدعت .. كل التحيا لقلب العطر دكتوري الفاضل .. ارفع لك قبعتي ..

    ردحذف
  3. حفظك الله

    ردحذف
  4. بتوفيق وشيء جميل منك
    عبدالله مغدي

    ردحذف
  5. اضافه رائعه عن الدب الانجليزي متمثل في شخصية ديكنز
    يضاف الى المكتبات العربيه
    كل التقدير والتوفيق دكتور امجد
    احمد عبدالعزيز

    ردحذف

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى