السعودية وفاء اليحيا من أستاذة جامعية الى زوجة إرهابي ! |
حصة الشمري وياسمين العنزي - الرياض :
قال موقع وكالة أخبار المجتمع السعودي نقلا عن تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط تفاصيل قصة أستاذة فقه سعودية "مطلقة"
كانت تعمل في جامعة الملك سعود قبل 8 سنوات، وهربت من السعودية مع أطفالها
إلى العراق وتزوجت زعيم القاعدة هناك آنذاك "أبومصعب الزرقاوي" وأنجبت منه
قبل أن يُقتل الإثنان.
وقال
التقرير إن وفاء اليحيا وهي من مواليد 1388هـ (1968م)، تحمل درجة
الماجستير في الفقه الإسلامي، وعملت محاضرة في جامعة الملك سعود، وهي مطلقة
وأم لثلاثة أبناء؛ بنتان وصبي، وقد ظهر اهتمامها بمسائل القتال في
أفغانستان مبكرا، فكان جميع أفراد أسرتها يعلمون ذلك لتصريحها الدائم
وإعلان محبتها لمن تسميهم بـ«للمجاهدين»، وفي أواخر عام 1425هـ (2005م)
أخذت تتعامل مع شبكة الإنترنت بشكل متزايد، وبدأت بالمشاركة من خلال الردود
والتعليقات على المواضيع التي تطرح في بعض المنتديات الخاصة بمواضيع
الجهاد وأخبار المجاهدين، وما لبث أن تطور الأمر حتى أصبحت تشارك في بعض
المنتديات المتطرفة بكنى مجهولة منها: «المدوّية»، و«البارقة»، و«بارقة
السيوف»، وفي بعض المواقع المتطرفة مثل: «الفوائد الإسلامية»، و«التجديد»،
«القلعة»، و«الأنصار»، و«الإصلاح».
وأوضح
التقيري أن مشاركات الأستاذة السعودية في المنتديات المتطرفة تركزت
بالتعليق على ما حصل من تغيير في مواقف الدول تجاه «المجاهدين»، وكانت تكتب
عن مناصرة المجاهدين في العراق وأفغانستان، ووصل الأمر إلى مناصرة أعمال
«القاعدة» وعملياتهم في الأراضي السعودية والإشادة بها، وقد تعرفت من خلال
هذه المواقع على من يكني نفسه «أبو طلحة البيحاني»، وعرض عليها «أبو طلحة»
في رسالة لها فكرة الالتحاق بالمقاتلين في العراق للعمل في اللجان الشرعية
لوجود الحاجة لها بحجة تخصصها العلمي (الفقه)، وقد طلبت منه وفاء مهلة
للتفكير.
وفاء و«الجهاد» في العراق.. المحاولة الأولى
اقتنعت وفاء بفكرة الالتحاق بالمقاتلين في العراق، وبدأت التخطيط لهذا الأمر، حيث حصلت على إجازة من عملها بجامعة الملك سعود، وسعت لاستخراج جوازات سفر لها ولأبنائها، وفي هذه الأثناء استمر التواصل مع أبو طلحة من خلال الرسائل الإلكترونية، حيث أخبرها في رسالة من هذه الرسائل بأنه ربما يتعرض لمكروه، ويرجوا أن لا يؤثر ذلك في قرار ذهابها للعراق، وأنه سيتم التواصل معها برسائل مذيلة بكنية «الأستاذ» تشرح لها ترتيبات رحلة السفر إلى العراق وموعدها.
وسمعت وفاء بعد فترة تسجيلا صوتيا في الإنترنت لأبي مصعب الزرقاوي (الأردني أحمد الخلايلة، قائد «القاعدة في العراق») ينعى فيه عددا من الأشخاص الذين قتلوا بالعراق، وكان من بينهم (أبو طلحة البيحاني)، عندئذ ربطت وفاء بين هذا الاسم ومن كان يراسلها، فتأكدت أن أبو طلحة قريب من المقاتلين في العراق حقا. وبعد ذلك تواصل معها شخص بكنية «الأستاذ»، يعتقد المعنيون والخبراء أنه هو نفسه زعيم «القاعدة في العراق»، أبو مصعب الزرقاوي، الذي كانت وفاء معجبة به وبشخصيته «الجهادية» كما مر سابقا.
وقامت وفاء بعد تحديد تاريخ متفق عليه مع كل من كان يتواصل معها، بالاستعداد للسفر إلى العراق عن طريق سوريا، إلا أن هناك مشكلة كانت لديها وهي جوازات سفر أبنائها الموجودة لدى طليقها (والد الأبناء) الذي لم يرغب في تزويدهم بها، وحاولت استخراج جوازات لهم من خلال تكليف قريب لها، بمراجعة جوازات منطقة الرياض للقيام بذلك، وزودته بالأوراق والصور المطلوبة لاستصدار جوازات سفر لأطفالها وتم ذلك بالفعل.
كانت وفاء في هذه الأثناء تخضع للمراقبة الأمنية بسبب اتصالاتها مع قيادات «القاعدة في العراق»، ونشطائها. وبحسب مصادر فقد أدرجت في هذه المرحلة - احترازيا - على قائمة المنع من السفر.
بعد ذلك حجزت وفاء لها ولأبنائها، إلا أنها ألغت حجوزات أبنائها خوفا من انكشاف أمرها وأبقت على حجزها فقط، وبدأت بالاستعداد فعليا للسفر إلى سوريا بذريعة البحث العلمي، وعند ذهابها إلى مطار الملك عبد العزيز بجدة تم منعها من السفر كون اسمها مدرجا على قائمة المنع من السفر.
في 9 مارس (آذار) 2005 جرى استدعاؤها عن طريق ذويها والتحفظ عليها لـ«خطورة الفعل الذي قامت به» حسب تصور الجهات الأمنية، هذه الخطورة تجسدت في تواصلها مع عناصر تنظيم القاعدة بالعراق عبر شبكة الإنترنت وتحديدا قائده السابق: أبو مصعب الزرقاوي.
وفي 14 أبريل (نيسان) 2005 تم تسليمها لذويها - حيث سلمت لوالدها وشقيقيها - بعد أخذ «التعهدات اللازمة» عليها. تقول المصادر إن هذا الإجراء تم «تقديرا لأسرتها، ولأن ولاة الأمر حريصون على إنهاء القضايا التي تكون أحد أطرافها امرأة».
* الاختفاء والذهاب للعراق.. المحاولة الثانية
* بعد فترة قصيرة من تسليمها لذويها عادت وفاء للتواصل عن طريق رسائل إلكترونية، وتلقت في هذه المرحلة رسالة تحذيرية من (الأستاذ)، الذي مر معنا أنه هو نفسه الزرقاوي، يحذرها من عدم التواصل عبر الإنترنت ويطالبها بسرعة السفر، وأجابته وفاء بأنها جاهزة للسفر دون أن تحدد موعدا لذلك، وبعد فترة وصلت إليها رسالة ترسم لها طريق السفر إلى دمشق تتضمن أنه بعد وصولها بيومين تقوم بإرسال رسالة لهم تخبرهم بوصولها، ومن ثم تذهب إلى مكتبة الأسد (في دمشق طبعا) وتقف عند المكتبة، إلا أن هذا الاتفاق تم إلغاؤه من قبل من كان يراسلها وزودها برقمي هاتفين جديدين في دمشق، وطلب منها أن تقوم بالاتصال على أحدهما عند وصولها إلى سوريا وتخبره بأنها حضرت لإكمال الدراسة وألا تقوم بالإفصاح عن سبب قدومها الحقيقي، بعده سيتم العثور عليها من قبلهم واصطحابها لداخل العراق.
بتاريخ 26 - 6 - 1426هـ (وهذا التاريخ يوافق تاريخ وفاة الملك فهد بن عبد العزيز في 1 أغسطس 2005) اختفت وفاء اليحيا وأبناؤها (فتاة تبلغ من العمر 13، وصبي يبلغ 12، وطفلة تبلغ 5 سنوات) من منزلهم وبدأت جهود البحث عنهم، وعلى الرغم من عدم وجود معلومات تساعد في البحث.
اتضح لاحقا أن أحد أبناء أخواتها كان يعلم بمكانها، ففي يوم السبت الموافق 30 يوليو 2005، تناول طعام الغداء مع خالته وفاء، وفي يوم الاثنين 1 أغسطس 2005 قام ابن الأخت بالاتصال على خالته وفاء، إلا أن هاتفها الجوال لم يجب، فذهب إلى شقتها ولم يجد أحدا، إلا أنه عثر على دفتر العائلة الخاص بجده لأمه مضافا به خالته وفاء، كما وجد جوالها في حالة إغلاق، إضافة إلى حقيبتها اليدوية.
وقال التقرير إن مصادر ذكرت صعوبة التحريات في هذا المرحلة، لذلك ظلت جهود البحث عنها قائمة، إلا أنه لم يعثر على أي معلومات تشير إلى مكان وجودها حتى تاريخ 6 سبتمبر (أيلول) 2005، حيث وردت معلومات من الطرف اليمني تفيد بأنه تم القبض على عدد من الأشخاص السعوديين لديهم، وورد في نتائج التحقيقات مع أحدهم أنه قام بتهريب امرأة سعودية مع أبنائها من السعودية إلى اليمن، فتم التواصل مع الطرف اليمني لتسلم الموقوفين السعوديين ليتم تركيز التحقيق مع الشخص الذي أدلى بالمعلومة، لربما تكون المرأة المعنية هي وفاء اليحيا وأبناؤها.
وتذكر المصادر أنه حصلت انفراجة في جدار البحث عن وفاء وأطفالها أثناء زيارة ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، الراحل، الأمير سلطان بن عبد العزيز، إلى اليمن، حيث تمت إثارة موضوع اختفاء وفاء وأبنائها على هامش الزيارة مع وزير الداخلية اليمني، على أثر ذلك جرى تكليف أحد ضباط وزارة الداخلية السعودية بالذهاب لليمن للاطلاع على اعترافات موقوف يمني اسمه (راشد.ع).
لم يتم تسليم الموقوفين للمملكة، وعلى الرغم من بذل كل الجهود الدبلوماسية فإنه بتاريخ 30 أبريل 2006 أي بعد مرور 8 أشهر من القبض على الأشخاص السعوديين في اليمن، وفور تسلمهم جرت التحقيقات معهم واتضح أن أحد الموقوفين السعوديين (تحتفظ الصحيفة باسمه، وهو تحت المحاكمة الآن)، هو من قام بتهريب وفاء وأبنائها إلى اليمن، بمشاركة شخص يمني يدعى (راشد.ع).
وحسب تفاصيل أقوال من دبر عملية الهروب لوفاء وأبنائها، فإنه في بداية عام 1426هـ تلقى الشخص السعودي المذكور اتصالا هاتفيا على جواله من شخص سعودي موجود آنذاك في سوريا (تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمه)، وتضمن الاتصال بين السعودي الموجود في السعودية، والآخر الذي في سوريا، أن شخصا من طرف السعودي الموجود في سوريا سوف يتصل به ويطلب منه تقديم المساعدة له فيما سيعرضه عليه، فوافق على ذلك.
بعد مدة اتصل به شخص آخر وأخبره بأنه مبعوث من طرف السعودي الموجود في سوريا، وطلب مقابلته، حيث تقابلا في حي المرسلات بمدينة بالرياض وعرف بنفسه وأنه يدعى راشد، وأخبره بأنه توجد عائلة لأحد «المجاهدين» مكونة من امرأة وبنتين وطفل، وأنه ينوي إخراجهم إلى سوريا لمقابلة والدهم، وطلب منه تقديم المساعدة في استخراج جوازات سفر سعودية لتلك المرأة وأبنائها باسم زوجته وأطفاله، كما زوده برسالة خطية من الشخص السعودي الموجود في سوريا تضمنت عبارات تحريضية على القتال واحتوت الرسالة على رقمي هاتفين لشخصين أحدهما سعودي والآخر يمني كنيته أبو البراء.
بدوره، اتصل الشخص السعودي الموجود في السعودية بتوجيه من الشخص السعودي الموجود في سوريا، على الوسيط اليمني (أبو البراء) وقابله بالقرب من مكتبة «العبيكان» بالرياض، في ذلك اللقاء أخبره اليمني بأن لديه قدرة على استخراج وثائق يمنية مزورة عن طريق شخص يمني يكنى بـلؤي موجود في اليمن.
ويعلق المصدر عند هذه النقطة بأنه كانت الترتيبات المتبعة لدى هؤلاء، غالبا، في تلك المرحلة، هي إرسال من يريد الذهاب للعراق إلى اليمن، وبعد استخراج جواز سفر مزور له، السفر إلى سوريا مرورا بدولة خليجية.
بالعودة لسياق ترتيبات سفر وفاء عبر اليمن لسوريا ثم العراق، كان الشخص السعودي الموجود في السعودية، ومنسق العملية، قد حاول الاتصال بالشخص السعودي الآخر الموجود بسوريا لغرض إطلاعه على المستجدات التي كلف بها بشأن تهريب وفاء، إلا أن اتصالاته باءت بالفشل لعدم الرد عليها، الأمر الذي اضطر معه للاتصال بشخص سوري الجنسية يدعى مازن تبين، لاحقا، أن له دورا في تهريب وفاء من اليمن إلى سوريا.
الشخص السعودي المكلف بعملية التسفير في السعودية أثناء وجوده في مكة للعمرة اتصل على اليمني راشد وأخبره بأنه لا يستطيع استصدار جوازات لتلك المرأة (وفاء) وأطفالها، وبعد بعض الترتيبات اتفقا على أن يصطحب الشخص السعودي تلك العائلة إلى منطقة (الخوبة) الحدودية مع اليمن، حيث عاد السعودي منسق عملية التسفير إلى الرياض واستخرج تذاكر السفر ثم اتصل على اليمني راشد، وأخبره بموعد الحجز ورد عليه راشد بأنه سيجد المرأة وأطفالها، يعني وفاء وأبناءها، في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، في استراحة النساء.
تعرف عبد الله الخميس على وفاء اليحيا واصطحبها مع أطفالها جوا من الرياض إلى مدينة جازان، أقصى جنوب السعودية، مستغلا سلامة وضعه الأمني، بعد وصولهم لجازان وفي اليوم التالي اتصل اليمني (راشد.ع) على المهرب الذي قام بحمل تلك العائلة على سيارته تهريبا إلى الأراضي اليمنية، أما السعودي، منسق العملية، واليمني راشد.ع، فقد عادا إلى الحدود السعودية – اليمنية، حيث دخل المواطن اليمني عن طريق منفذ «الطوال»، بينما عاد السعودي، منسق العملية، إلى مطار جازان، حيث سلم السيارة المستأجرة ودخل اليمن بشكل نظامي.
بعد وصول السعودي المنسق إلى صنعاء أخبره الوسيط اليمني بأن العائلة وصلت إلى صنعاء بسلام. عاد المنسق السعودي إلى الرياض، وقبض على (راشد) في اليمن من قبل السلطات اليمنية، بينما وفاء وأطفالها عند عائلة راشد في صنعاء، وبعد القبض عليه تم الاستعجال لاستخراج جوازات سفر مزورة لوفاء وأبنائها، من قبل السوري (مازن) بترتيب مسبق مع راشد، وتبين لاحقا سفرهم من صنعاء إلى دمشق، أما السعودي، منسق عملية التسفير من الجانب السعودي، فقد استدرجته السلطات اليمنية باتصال من الموقوف لديهم راشد للدخول إلى اليمن، حيث قبض عليه هناك وظل موقوفا لديهم حتى سلم للسعودية.
هنا تطابقت معلومات السعودي، منسق عملية التسفير مع معلومات اليمني، راشد، الذي تمت مقابلته من قبل المحققين السعوديين وهو في حوزة الطرف اليمني، عن وفاء وأطفالها، وكذلك ما قام به عمه (صالح)، الذي استضاف وفاء وأبناءها في لدى عائلته، كما تم الاستفسار من السلطات السورية، في حينه، وأكدوا دخولها للأراضي السورية.
البحث عن وفاء في العراق ننتقل هنا من المحطة اليمنية، لنتابع، مع المصادر، رحلة وفاء العجيبة إلى العراق، أرض الرافدين، والذي كان حينها مشتعلا بحرب ضروس ومعقدة، كان نجم أبو مصعب الزرقاوي فيها، عند «الجهاديين» قد بلغ قمة سطوعه.
تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه على ضوء ما توفر من معلومات تشير إلى وجود وفاء في العراق، فقد تم التركيز على مناقشة جميع الموقوفين العائدين من العراق عن المرأة وفاء اليحيا وأبنائها، وأسفرت تلك المناقشات عما يلي:
1 - اعترف أحد هؤلاء الموقوفين، وهو (فهد.ر) العائد من العراق سنة 1430هـ، وهو يعتبر مسؤول تنظيم القاعدة في العراق عن منطقة الحدود وتسهيل دخول المقاتلين إلى داخل العراق. اعترف بأن هناك امرأة سعودية تكنى (أم محمد) دخلت مع ابنها وابنتيها إلى العراق، وتزوجت من قائد «القاعدة السابق»، أبو مصعب الزرقاوي، وبعد مقتله، قتلت على أطراف بغداد من قبل «الرافضة»، كما سمع بأن ابنتها تزوجت هناك ولا يعلم شيئا عن مصير ولدها وابنتها الآخرين.
2 - اعترف الموقوف (محمد.ظ) العائد من العراق سنة 2011 بأن هناك امرأة سعودية دخلت العراق مع ابنتها، وأنها تزوجت من قائد تنظيم القاعدة السابق، أبو مصعب الزرقاوي، وعلم بمقتلها لاحقا.
3 - أكد الموقوف (عبد الرحمن.ي) الذي جرى تسلمه من قبل السلطات السورية بتاريخ 7 يونيو 2009 أنه سمع أن وفاء دخلت العراق وتزوجت بالزرقاوي وأنها قتلت على يد «الرافضة».
القصة تسدل أستارها في فجر يوم 9 يونيو 2012 استعادت السلطات السعودية المطلوب على قائمة الـ85، صالح عبد الله صالح القرعاوي، الملقب بـ«نجم»، ويعد من أهم المطلوبين وأخطرهم، وكان يتولى قيادة «كتائب عبد الله عزام» التابعة لتنظيم القاعدة، سبق له الإقامة في إيران، وتلقى في أفغانستان تدريبات مكثفة على التفجير بواسطة استخدام الإلكترونيات، استهدفته طائرة أميركية من دون طيار بقذيفة، في وزيرستان على الحدود بين باكستان وأفغانستان، ولحقته إصابة بليغة نجم عنها بتر ساقيه، ويده، وفقد عينه اليسرى، وتهشم فكه، واستعادته السعودية من باكستان، على طائرة إخلاء طبي، وأدخل مستشفى قوى الأمن للكشف عنه وقدم له العلاج اللازم، وحضرت معه أسرته المكونة من:
1 - زوجته، ابنة محمد الحكايمة، والدها مصري، هو أحد قادة تنظيم القاعدة، واسمه الكامل محمد خليل الحكايمة، ويعرف أيضا بـ«أبو سارة المصري».
2 - الطفل (ح) صالح القرعاوي (شكت الجهات السعودية بهذا الطفل الذي قال صالح «نجم» إنه ابنه على الرغم أن المعلومات تشير إلى أنه ليس لديه ولد ذكر إلا واحد غير هذا).
3 - طفلتان وطفل من ذريته.
4 - طفلة أخرى تبلغ من العمر 6 سنوات، والدها كان مطلوبا أمنيا للسلطات السعودية، وقد قتل في باكستان.
أثار قدوم الطفل (ح) مع والده المستعاد: صالح القرعاوي، وادعاء صالح أنه ابنه، المشكوك حول وضعه، فالمعروف أنه ليس له إلا ابن واحد هو (ع)، وبالفحوص المخبرية (دي إن إيه) dna التي أجريت مباشرة بعد وصولهم للسعودية زالت تلك الشكوك، وتأكد أن الطفل (ح)، ليس ابنا لصالح.
في العشر الأواخر من شهر رمضان 1433هـ حصل في مكة لقاء بوالد المستعاد، صالح الملقب بـ«نجم»، مع الأردني (صايل فاضل الخلايلة)، شقيق أبو مصعب الزرقاوي،، وكان محور اللقاء هو الطفل (ح) وموافقة صايل ببقائه لدى أسرة صالح. كانت الشبهة قائمة فيمن يكون والد الطفل (ح)، وقويت هذه الشبهة بسبب ذلك القادم من الأردن، صايل الخلايلة، وهو شقيق أبو مصعب الزرقاوي، ولقطع الشك باليقين أجريت الفحوص المخبرية (دي إن إيه) dna مرة أخرى بعد أن تم الحصول على عينة من أبو مصعب الزرقاوي، وأظهرت النتائج تطابق الأنماط لتلك العينة مع الأنماط الوراثية لعينة الطفل (ح)، مما يثبت أن أبو مصعب الزرقاوي هو الأب الحقيقي للطفل (ح).
بقي الأمر مجهولا ومحيرا فيمن تكون الأم، وعلى ضوء ذلك جرى الرجوع إلى إعادة التحقيقات في قضية وفاء اليحيا، وربط الاعترافات التي تشير إلى زوجها أبو مصعب الزرقاوي، وكانت المفاجأة! حسبما تقول المصادر، حيث أكدت فحوص الحمض النووي أن والدة الطفل (ح) الذي حضر مع عائلة المستعاد: صالح، هي وفاء نفسها.
تقول المصادر إنه أمام هذه المعطيات الجديدة تراجع صالح الملقب بنجم، وأقر بأن الطفل (ح) هو ابن أبو مصعب الزرقاوي، وأن والدته سعودية تدعى وفاء اليحيا، وأنها أنجبته بعد مقتل زوجها أبو مصعب الزرقاوي، وأن وفاء قتلت في عملية قصف في منطقة الأنبار العراقية.
بعد مقتل والدي الطفل (ح) سعى صالح القرعاوي إلى إخراج الطفل (ح) من العراق وإحضاره إلى منطقة وزيرستان الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وكلف المقتول، والمطلوب أمنيا لدى السلطات السعودية (محمد.ث)، بهذه المهمة.
أحضر (محمد.ث) الطفل (ح)، والمفاجأة الأخرى، حضرت مع الطفل أخته من جهة أمه وفاء، وهي ابنة المطلوب السعودي الأمني الذي قتل في باكستان (محمد.ث)، وأنجبت منه طفلة قدمت مع عائلة المستعاد من باكستان، صالح القرعاوي، حيث تبناها بعد مقتل والديها في باكستان. بالنسبة للصبي والبنت الأخرى ابني وفاء، فالمعلومات تشير حسبما تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» حتى وقت قريب، إلى وجودهما في سوريا. لكن لا يعرف لهما عنوان.
تقول المصادر أيضا، خاتمة هذا السرد الآخذ بالأنفاس عن هذه القصة، إن ذوي وفاء قد أحيطوا بكل هذه المعلومات كاملة بعد إثارة موضوع اختفائها على مواقع التواصل الاجتماعي واستغلال اسمها في تأليب الرأي العام من قبل جهات داخلية وخارجية، كما تجب الإشارة إلى أنه قد تقدمت عائلة الخلايلة، وهي عائلة أبو مصعب الزرقاوي بالزرقاء في الأردن، كما تذكر المصادر السعودية، بطلب انتقال الطفل (ح) إلى ذويه في الأردن.
في نهاية الحكاية، فإن هذه القصة كانت وما زالت تلخص أثر العقد الماضي كله وما حفره خطاب وفكر تنظيم القاعدة في المجتمع السعودي. إنها قصة، بكل ما قيل فيها، تختزل واقعا معقدا، والمرأة في هذه المشكلة بموقع الصميم، مجاهدة كانت، أم تشاق لذلك.
وفاء و«الجهاد» في العراق.. المحاولة الأولى
اقتنعت وفاء بفكرة الالتحاق بالمقاتلين في العراق، وبدأت التخطيط لهذا الأمر، حيث حصلت على إجازة من عملها بجامعة الملك سعود، وسعت لاستخراج جوازات سفر لها ولأبنائها، وفي هذه الأثناء استمر التواصل مع أبو طلحة من خلال الرسائل الإلكترونية، حيث أخبرها في رسالة من هذه الرسائل بأنه ربما يتعرض لمكروه، ويرجوا أن لا يؤثر ذلك في قرار ذهابها للعراق، وأنه سيتم التواصل معها برسائل مذيلة بكنية «الأستاذ» تشرح لها ترتيبات رحلة السفر إلى العراق وموعدها.
وسمعت وفاء بعد فترة تسجيلا صوتيا في الإنترنت لأبي مصعب الزرقاوي (الأردني أحمد الخلايلة، قائد «القاعدة في العراق») ينعى فيه عددا من الأشخاص الذين قتلوا بالعراق، وكان من بينهم (أبو طلحة البيحاني)، عندئذ ربطت وفاء بين هذا الاسم ومن كان يراسلها، فتأكدت أن أبو طلحة قريب من المقاتلين في العراق حقا. وبعد ذلك تواصل معها شخص بكنية «الأستاذ»، يعتقد المعنيون والخبراء أنه هو نفسه زعيم «القاعدة في العراق»، أبو مصعب الزرقاوي، الذي كانت وفاء معجبة به وبشخصيته «الجهادية» كما مر سابقا.
وقامت وفاء بعد تحديد تاريخ متفق عليه مع كل من كان يتواصل معها، بالاستعداد للسفر إلى العراق عن طريق سوريا، إلا أن هناك مشكلة كانت لديها وهي جوازات سفر أبنائها الموجودة لدى طليقها (والد الأبناء) الذي لم يرغب في تزويدهم بها، وحاولت استخراج جوازات لهم من خلال تكليف قريب لها، بمراجعة جوازات منطقة الرياض للقيام بذلك، وزودته بالأوراق والصور المطلوبة لاستصدار جوازات سفر لأطفالها وتم ذلك بالفعل.
كانت وفاء في هذه الأثناء تخضع للمراقبة الأمنية بسبب اتصالاتها مع قيادات «القاعدة في العراق»، ونشطائها. وبحسب مصادر فقد أدرجت في هذه المرحلة - احترازيا - على قائمة المنع من السفر.
بعد ذلك حجزت وفاء لها ولأبنائها، إلا أنها ألغت حجوزات أبنائها خوفا من انكشاف أمرها وأبقت على حجزها فقط، وبدأت بالاستعداد فعليا للسفر إلى سوريا بذريعة البحث العلمي، وعند ذهابها إلى مطار الملك عبد العزيز بجدة تم منعها من السفر كون اسمها مدرجا على قائمة المنع من السفر.
في 9 مارس (آذار) 2005 جرى استدعاؤها عن طريق ذويها والتحفظ عليها لـ«خطورة الفعل الذي قامت به» حسب تصور الجهات الأمنية، هذه الخطورة تجسدت في تواصلها مع عناصر تنظيم القاعدة بالعراق عبر شبكة الإنترنت وتحديدا قائده السابق: أبو مصعب الزرقاوي.
وفي 14 أبريل (نيسان) 2005 تم تسليمها لذويها - حيث سلمت لوالدها وشقيقيها - بعد أخذ «التعهدات اللازمة» عليها. تقول المصادر إن هذا الإجراء تم «تقديرا لأسرتها، ولأن ولاة الأمر حريصون على إنهاء القضايا التي تكون أحد أطرافها امرأة».
* الاختفاء والذهاب للعراق.. المحاولة الثانية
* بعد فترة قصيرة من تسليمها لذويها عادت وفاء للتواصل عن طريق رسائل إلكترونية، وتلقت في هذه المرحلة رسالة تحذيرية من (الأستاذ)، الذي مر معنا أنه هو نفسه الزرقاوي، يحذرها من عدم التواصل عبر الإنترنت ويطالبها بسرعة السفر، وأجابته وفاء بأنها جاهزة للسفر دون أن تحدد موعدا لذلك، وبعد فترة وصلت إليها رسالة ترسم لها طريق السفر إلى دمشق تتضمن أنه بعد وصولها بيومين تقوم بإرسال رسالة لهم تخبرهم بوصولها، ومن ثم تذهب إلى مكتبة الأسد (في دمشق طبعا) وتقف عند المكتبة، إلا أن هذا الاتفاق تم إلغاؤه من قبل من كان يراسلها وزودها برقمي هاتفين جديدين في دمشق، وطلب منها أن تقوم بالاتصال على أحدهما عند وصولها إلى سوريا وتخبره بأنها حضرت لإكمال الدراسة وألا تقوم بالإفصاح عن سبب قدومها الحقيقي، بعده سيتم العثور عليها من قبلهم واصطحابها لداخل العراق.
بتاريخ 26 - 6 - 1426هـ (وهذا التاريخ يوافق تاريخ وفاة الملك فهد بن عبد العزيز في 1 أغسطس 2005) اختفت وفاء اليحيا وأبناؤها (فتاة تبلغ من العمر 13، وصبي يبلغ 12، وطفلة تبلغ 5 سنوات) من منزلهم وبدأت جهود البحث عنهم، وعلى الرغم من عدم وجود معلومات تساعد في البحث.
اتضح لاحقا أن أحد أبناء أخواتها كان يعلم بمكانها، ففي يوم السبت الموافق 30 يوليو 2005، تناول طعام الغداء مع خالته وفاء، وفي يوم الاثنين 1 أغسطس 2005 قام ابن الأخت بالاتصال على خالته وفاء، إلا أن هاتفها الجوال لم يجب، فذهب إلى شقتها ولم يجد أحدا، إلا أنه عثر على دفتر العائلة الخاص بجده لأمه مضافا به خالته وفاء، كما وجد جوالها في حالة إغلاق، إضافة إلى حقيبتها اليدوية.
وقال التقرير إن مصادر ذكرت صعوبة التحريات في هذا المرحلة، لذلك ظلت جهود البحث عنها قائمة، إلا أنه لم يعثر على أي معلومات تشير إلى مكان وجودها حتى تاريخ 6 سبتمبر (أيلول) 2005، حيث وردت معلومات من الطرف اليمني تفيد بأنه تم القبض على عدد من الأشخاص السعوديين لديهم، وورد في نتائج التحقيقات مع أحدهم أنه قام بتهريب امرأة سعودية مع أبنائها من السعودية إلى اليمن، فتم التواصل مع الطرف اليمني لتسلم الموقوفين السعوديين ليتم تركيز التحقيق مع الشخص الذي أدلى بالمعلومة، لربما تكون المرأة المعنية هي وفاء اليحيا وأبناؤها.
وتذكر المصادر أنه حصلت انفراجة في جدار البحث عن وفاء وأطفالها أثناء زيارة ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، الراحل، الأمير سلطان بن عبد العزيز، إلى اليمن، حيث تمت إثارة موضوع اختفاء وفاء وأبنائها على هامش الزيارة مع وزير الداخلية اليمني، على أثر ذلك جرى تكليف أحد ضباط وزارة الداخلية السعودية بالذهاب لليمن للاطلاع على اعترافات موقوف يمني اسمه (راشد.ع).
لم يتم تسليم الموقوفين للمملكة، وعلى الرغم من بذل كل الجهود الدبلوماسية فإنه بتاريخ 30 أبريل 2006 أي بعد مرور 8 أشهر من القبض على الأشخاص السعوديين في اليمن، وفور تسلمهم جرت التحقيقات معهم واتضح أن أحد الموقوفين السعوديين (تحتفظ الصحيفة باسمه، وهو تحت المحاكمة الآن)، هو من قام بتهريب وفاء وأبنائها إلى اليمن، بمشاركة شخص يمني يدعى (راشد.ع).
وحسب تفاصيل أقوال من دبر عملية الهروب لوفاء وأبنائها، فإنه في بداية عام 1426هـ تلقى الشخص السعودي المذكور اتصالا هاتفيا على جواله من شخص سعودي موجود آنذاك في سوريا (تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمه)، وتضمن الاتصال بين السعودي الموجود في السعودية، والآخر الذي في سوريا، أن شخصا من طرف السعودي الموجود في سوريا سوف يتصل به ويطلب منه تقديم المساعدة له فيما سيعرضه عليه، فوافق على ذلك.
بعد مدة اتصل به شخص آخر وأخبره بأنه مبعوث من طرف السعودي الموجود في سوريا، وطلب مقابلته، حيث تقابلا في حي المرسلات بمدينة بالرياض وعرف بنفسه وأنه يدعى راشد، وأخبره بأنه توجد عائلة لأحد «المجاهدين» مكونة من امرأة وبنتين وطفل، وأنه ينوي إخراجهم إلى سوريا لمقابلة والدهم، وطلب منه تقديم المساعدة في استخراج جوازات سفر سعودية لتلك المرأة وأبنائها باسم زوجته وأطفاله، كما زوده برسالة خطية من الشخص السعودي الموجود في سوريا تضمنت عبارات تحريضية على القتال واحتوت الرسالة على رقمي هاتفين لشخصين أحدهما سعودي والآخر يمني كنيته أبو البراء.
بدوره، اتصل الشخص السعودي الموجود في السعودية بتوجيه من الشخص السعودي الموجود في سوريا، على الوسيط اليمني (أبو البراء) وقابله بالقرب من مكتبة «العبيكان» بالرياض، في ذلك اللقاء أخبره اليمني بأن لديه قدرة على استخراج وثائق يمنية مزورة عن طريق شخص يمني يكنى بـلؤي موجود في اليمن.
ويعلق المصدر عند هذه النقطة بأنه كانت الترتيبات المتبعة لدى هؤلاء، غالبا، في تلك المرحلة، هي إرسال من يريد الذهاب للعراق إلى اليمن، وبعد استخراج جواز سفر مزور له، السفر إلى سوريا مرورا بدولة خليجية.
بالعودة لسياق ترتيبات سفر وفاء عبر اليمن لسوريا ثم العراق، كان الشخص السعودي الموجود في السعودية، ومنسق العملية، قد حاول الاتصال بالشخص السعودي الآخر الموجود بسوريا لغرض إطلاعه على المستجدات التي كلف بها بشأن تهريب وفاء، إلا أن اتصالاته باءت بالفشل لعدم الرد عليها، الأمر الذي اضطر معه للاتصال بشخص سوري الجنسية يدعى مازن تبين، لاحقا، أن له دورا في تهريب وفاء من اليمن إلى سوريا.
الشخص السعودي المكلف بعملية التسفير في السعودية أثناء وجوده في مكة للعمرة اتصل على اليمني راشد وأخبره بأنه لا يستطيع استصدار جوازات لتلك المرأة (وفاء) وأطفالها، وبعد بعض الترتيبات اتفقا على أن يصطحب الشخص السعودي تلك العائلة إلى منطقة (الخوبة) الحدودية مع اليمن، حيث عاد السعودي منسق عملية التسفير إلى الرياض واستخرج تذاكر السفر ثم اتصل على اليمني راشد، وأخبره بموعد الحجز ورد عليه راشد بأنه سيجد المرأة وأطفالها، يعني وفاء وأبناءها، في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، في استراحة النساء.
تعرف عبد الله الخميس على وفاء اليحيا واصطحبها مع أطفالها جوا من الرياض إلى مدينة جازان، أقصى جنوب السعودية، مستغلا سلامة وضعه الأمني، بعد وصولهم لجازان وفي اليوم التالي اتصل اليمني (راشد.ع) على المهرب الذي قام بحمل تلك العائلة على سيارته تهريبا إلى الأراضي اليمنية، أما السعودي، منسق العملية، واليمني راشد.ع، فقد عادا إلى الحدود السعودية – اليمنية، حيث دخل المواطن اليمني عن طريق منفذ «الطوال»، بينما عاد السعودي، منسق العملية، إلى مطار جازان، حيث سلم السيارة المستأجرة ودخل اليمن بشكل نظامي.
بعد وصول السعودي المنسق إلى صنعاء أخبره الوسيط اليمني بأن العائلة وصلت إلى صنعاء بسلام. عاد المنسق السعودي إلى الرياض، وقبض على (راشد) في اليمن من قبل السلطات اليمنية، بينما وفاء وأطفالها عند عائلة راشد في صنعاء، وبعد القبض عليه تم الاستعجال لاستخراج جوازات سفر مزورة لوفاء وأبنائها، من قبل السوري (مازن) بترتيب مسبق مع راشد، وتبين لاحقا سفرهم من صنعاء إلى دمشق، أما السعودي، منسق عملية التسفير من الجانب السعودي، فقد استدرجته السلطات اليمنية باتصال من الموقوف لديهم راشد للدخول إلى اليمن، حيث قبض عليه هناك وظل موقوفا لديهم حتى سلم للسعودية.
هنا تطابقت معلومات السعودي، منسق عملية التسفير مع معلومات اليمني، راشد، الذي تمت مقابلته من قبل المحققين السعوديين وهو في حوزة الطرف اليمني، عن وفاء وأطفالها، وكذلك ما قام به عمه (صالح)، الذي استضاف وفاء وأبناءها في لدى عائلته، كما تم الاستفسار من السلطات السورية، في حينه، وأكدوا دخولها للأراضي السورية.
البحث عن وفاء في العراق ننتقل هنا من المحطة اليمنية، لنتابع، مع المصادر، رحلة وفاء العجيبة إلى العراق، أرض الرافدين، والذي كان حينها مشتعلا بحرب ضروس ومعقدة، كان نجم أبو مصعب الزرقاوي فيها، عند «الجهاديين» قد بلغ قمة سطوعه.
تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه على ضوء ما توفر من معلومات تشير إلى وجود وفاء في العراق، فقد تم التركيز على مناقشة جميع الموقوفين العائدين من العراق عن المرأة وفاء اليحيا وأبنائها، وأسفرت تلك المناقشات عما يلي:
1 - اعترف أحد هؤلاء الموقوفين، وهو (فهد.ر) العائد من العراق سنة 1430هـ، وهو يعتبر مسؤول تنظيم القاعدة في العراق عن منطقة الحدود وتسهيل دخول المقاتلين إلى داخل العراق. اعترف بأن هناك امرأة سعودية تكنى (أم محمد) دخلت مع ابنها وابنتيها إلى العراق، وتزوجت من قائد «القاعدة السابق»، أبو مصعب الزرقاوي، وبعد مقتله، قتلت على أطراف بغداد من قبل «الرافضة»، كما سمع بأن ابنتها تزوجت هناك ولا يعلم شيئا عن مصير ولدها وابنتها الآخرين.
2 - اعترف الموقوف (محمد.ظ) العائد من العراق سنة 2011 بأن هناك امرأة سعودية دخلت العراق مع ابنتها، وأنها تزوجت من قائد تنظيم القاعدة السابق، أبو مصعب الزرقاوي، وعلم بمقتلها لاحقا.
3 - أكد الموقوف (عبد الرحمن.ي) الذي جرى تسلمه من قبل السلطات السورية بتاريخ 7 يونيو 2009 أنه سمع أن وفاء دخلت العراق وتزوجت بالزرقاوي وأنها قتلت على يد «الرافضة».
القصة تسدل أستارها في فجر يوم 9 يونيو 2012 استعادت السلطات السعودية المطلوب على قائمة الـ85، صالح عبد الله صالح القرعاوي، الملقب بـ«نجم»، ويعد من أهم المطلوبين وأخطرهم، وكان يتولى قيادة «كتائب عبد الله عزام» التابعة لتنظيم القاعدة، سبق له الإقامة في إيران، وتلقى في أفغانستان تدريبات مكثفة على التفجير بواسطة استخدام الإلكترونيات، استهدفته طائرة أميركية من دون طيار بقذيفة، في وزيرستان على الحدود بين باكستان وأفغانستان، ولحقته إصابة بليغة نجم عنها بتر ساقيه، ويده، وفقد عينه اليسرى، وتهشم فكه، واستعادته السعودية من باكستان، على طائرة إخلاء طبي، وأدخل مستشفى قوى الأمن للكشف عنه وقدم له العلاج اللازم، وحضرت معه أسرته المكونة من:
1 - زوجته، ابنة محمد الحكايمة، والدها مصري، هو أحد قادة تنظيم القاعدة، واسمه الكامل محمد خليل الحكايمة، ويعرف أيضا بـ«أبو سارة المصري».
2 - الطفل (ح) صالح القرعاوي (شكت الجهات السعودية بهذا الطفل الذي قال صالح «نجم» إنه ابنه على الرغم أن المعلومات تشير إلى أنه ليس لديه ولد ذكر إلا واحد غير هذا).
3 - طفلتان وطفل من ذريته.
4 - طفلة أخرى تبلغ من العمر 6 سنوات، والدها كان مطلوبا أمنيا للسلطات السعودية، وقد قتل في باكستان.
أثار قدوم الطفل (ح) مع والده المستعاد: صالح القرعاوي، وادعاء صالح أنه ابنه، المشكوك حول وضعه، فالمعروف أنه ليس له إلا ابن واحد هو (ع)، وبالفحوص المخبرية (دي إن إيه) dna التي أجريت مباشرة بعد وصولهم للسعودية زالت تلك الشكوك، وتأكد أن الطفل (ح)، ليس ابنا لصالح.
في العشر الأواخر من شهر رمضان 1433هـ حصل في مكة لقاء بوالد المستعاد، صالح الملقب بـ«نجم»، مع الأردني (صايل فاضل الخلايلة)، شقيق أبو مصعب الزرقاوي،، وكان محور اللقاء هو الطفل (ح) وموافقة صايل ببقائه لدى أسرة صالح. كانت الشبهة قائمة فيمن يكون والد الطفل (ح)، وقويت هذه الشبهة بسبب ذلك القادم من الأردن، صايل الخلايلة، وهو شقيق أبو مصعب الزرقاوي، ولقطع الشك باليقين أجريت الفحوص المخبرية (دي إن إيه) dna مرة أخرى بعد أن تم الحصول على عينة من أبو مصعب الزرقاوي، وأظهرت النتائج تطابق الأنماط لتلك العينة مع الأنماط الوراثية لعينة الطفل (ح)، مما يثبت أن أبو مصعب الزرقاوي هو الأب الحقيقي للطفل (ح).
بقي الأمر مجهولا ومحيرا فيمن تكون الأم، وعلى ضوء ذلك جرى الرجوع إلى إعادة التحقيقات في قضية وفاء اليحيا، وربط الاعترافات التي تشير إلى زوجها أبو مصعب الزرقاوي، وكانت المفاجأة! حسبما تقول المصادر، حيث أكدت فحوص الحمض النووي أن والدة الطفل (ح) الذي حضر مع عائلة المستعاد: صالح، هي وفاء نفسها.
تقول المصادر إنه أمام هذه المعطيات الجديدة تراجع صالح الملقب بنجم، وأقر بأن الطفل (ح) هو ابن أبو مصعب الزرقاوي، وأن والدته سعودية تدعى وفاء اليحيا، وأنها أنجبته بعد مقتل زوجها أبو مصعب الزرقاوي، وأن وفاء قتلت في عملية قصف في منطقة الأنبار العراقية.
بعد مقتل والدي الطفل (ح) سعى صالح القرعاوي إلى إخراج الطفل (ح) من العراق وإحضاره إلى منطقة وزيرستان الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وكلف المقتول، والمطلوب أمنيا لدى السلطات السعودية (محمد.ث)، بهذه المهمة.
أحضر (محمد.ث) الطفل (ح)، والمفاجأة الأخرى، حضرت مع الطفل أخته من جهة أمه وفاء، وهي ابنة المطلوب السعودي الأمني الذي قتل في باكستان (محمد.ث)، وأنجبت منه طفلة قدمت مع عائلة المستعاد من باكستان، صالح القرعاوي، حيث تبناها بعد مقتل والديها في باكستان. بالنسبة للصبي والبنت الأخرى ابني وفاء، فالمعلومات تشير حسبما تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» حتى وقت قريب، إلى وجودهما في سوريا. لكن لا يعرف لهما عنوان.
تقول المصادر أيضا، خاتمة هذا السرد الآخذ بالأنفاس عن هذه القصة، إن ذوي وفاء قد أحيطوا بكل هذه المعلومات كاملة بعد إثارة موضوع اختفائها على مواقع التواصل الاجتماعي واستغلال اسمها في تأليب الرأي العام من قبل جهات داخلية وخارجية، كما تجب الإشارة إلى أنه قد تقدمت عائلة الخلايلة، وهي عائلة أبو مصعب الزرقاوي بالزرقاء في الأردن، كما تذكر المصادر السعودية، بطلب انتقال الطفل (ح) إلى ذويه في الأردن.
في نهاية الحكاية، فإن هذه القصة كانت وما زالت تلخص أثر العقد الماضي كله وما حفره خطاب وفكر تنظيم القاعدة في المجتمع السعودي. إنها قصة، بكل ما قيل فيها، تختزل واقعا معقدا، والمرأة في هذه المشكلة بموقع الصميم، مجاهدة كانت، أم تشاق لذلك.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم