0

مقديشو (زوايا) حسن محمد حاج

أخيرا تم افتتاح مسجد"إسلنغتون" ومركزه الإسلامي من قبل لاجئين ومهاجرين صوماليين بمبلغ خيالي يصعب تصديقه، مليون ونصف جنيه تكلفة مسجد في شمال لندن حاولت الجالية الصومالية المقيمة في بريطانيا شراءه بتبرعات من جميع شرائح القومية الصومالية في الداخل والخارج، في البداية كان الأمر يبدوا صعبا بعض الشيء لثقل المبلغ و فقر الشعب الصومالي لكننا شعب قوي إذا أراد، يحقق الأحلام إذا اجتمع.

بدأت الحملة في شكل إعلانات بإحدى القنوات المرئية الصومالية حتي يتطور الأمر إلي برنامج تلفزيون يبث على الهواء مباشرة يستضيف أشهر العلماء الصوماليين خاصة ذو التأثيرالعالي في المجتمع الصومالي بغرض جمع التبرعات من المحسنين الصوماليين في جميع إنحاء العالم. نجحت الحملة في النهاية وما يعجبني عزيمة الإخوة القائمين بهذا العمل الخيري من جهة والمفيد لتربية جيل ينتظره البلاد من جهة أخرى لكن هناك سؤال لا ينفك يلح على كل مواطن وبصيرة كل بصير: بناء المساجد في الفرب أحق..أم مساعدة المنكوبين من بني جلدتهم؟

هدمت المساجد من قبل في الأندلس ولم يأبه المسيحيون لحضارة الإسلام في الأندلس التي مكثت أكثر من ثمانية قرون، ولم يحترموا الفن المعماري الذي إشتهرت بها هذه الحضارة العريقة وحولوا مساجد أندلس إلى كنائس، هذا على سبيل المثال فقط وليس الحصر علما أن آلاف المساجد حولت إلى مخازن في أوربا الشرقية وما كان يعرف بالأتحاد السوفيتي سابقا.

هل الجزر البريطانية أكثر تسامحا من شبه جزيرة ألايبيرية؟ أو فرنسا لإجرامها على منقباتنا؟ و تحريم أرض المعاهدات (سويسرا) بناء المآذن حتى لاتؤثر الثقافة الإسلامية على مظهر مد نها التي يتعاملون معها بمنتهى الحذر خوفا لإنتشارها في الطبقة الوسطى من سكانها، هل نتجاهل كل هذه الحقائق ونفكر كمواطني الدرجة الأولى في الدول الغربية دافعين ملايين الدولارات لإنشاء مراكز وتشييد أماكن للعبادة.









اللاجئون يعيشون اوضاعا انسانية متردية

ألا يمكن أن نفكر أبعد من ذلك؟؟ مليوني جائع في البلاد جلهم أطفال ونساء حيث لاتتوفر لهم أساسيات الحياة من المياه الشرب والمواد الغذائية ومساكن يأؤون إليها من البرد والحر، في زمن علقت المنظمات الإغاثية نشاطاتها في المناطق المتضررة بداعي الأمن - الذي بتوفره لا يحتاجون أليهم أصلا- ولّى جميع العالم ظهره عن هؤلاء، وها هو آخوتهم من أهل بلدهم يتطاول البنيان في العواصم الأوربية وينافسون الجاليات المسلمة في شراء المراكز.

وظفنا الإعلام واستفدنا من تأثير علمائنا وانجزنا كثيرا محققين المستحيل، لكن لماذا لا نحاول تعويض منظمة الأغذية العالمية، وأن نحل محلها لسد حاجات هؤلاء المنكوبين، صحيح نحن قوم رحل لاننظرإلى الوراء، لكن الوضع مختلف عن ذاك الذي عاشه أجدادنا ، الرعي والجمال الذي لاتعرف الحدود في سافانا القرن الإفريقي،ولايمكننا أن نقلدهم بأي شكل من الأشكال لأن كل من تنجس بجنسية أخرى هو مواطن بأوراق وميثاق يمكن سحبهما بأي وقت من الأوقات، لذا فعلينا النظر إلى الوراء.

لا أحد ينكر جهود العلماء في جمع المساعدات من المحسنين وتوصيلهم إلى المحتاجين في داخل البلاد، ولاأحد ينكر حملة الإعلام الذي يمثل جسر التواصل بين من هاجر فر من الحروب، وبين من بقي متجرعا عقاب ذنب لم يقترفه، وكذلك إستجابة المغتربين الذين دفعوا ما في وسعهم لأجل إنقاذ إخوانهم، لكن ما نتوقعه أكبر من ذلك بكثير، نتوقع حملة إعلامية أكبر مثل تلك التي شاهدناها على الشاشات في حملة مركز ومسجد إسلنغتون، وجدية القائمين بهذا العمل، لاشيء يساوي إنقاذ المسلمين من أزمة كهذه.

من سمات شعبنا أنه متعاون خاصة في الأوقات العسيرة ويقال لولا تعاونهم لما بقي إنسان في الساحل الشرقي للقرن الإفريقي، وحماسي إذاتوفرت الظروف وله قدرات فائقة في العمل الطوعي، لكن مايفقده هو التوجيه من قادة الرأي وتوظيف هذه القدرات بإنتظام للإستفاذة من هذه الحماس، وآخر دليل على هذا حملة قناة يونفرسال لجمع التبرعات على مسجد إسلنغتون التي نجحت بفضل التركيز الإعلامي والإستفاذة من طاقات العلماء التي كانت مخزونة في المساجد إن صح التعبير، ويمكن للعلماء وقادة الرأي قيادة السفينة ألى مرفإ آمن إذا فكروا بعقول منفتحة، لا تلك التي تهذر طاقات المقتربين إلى شراء مساجد لانعرف مصيرها ومراكز إسلامية في وسط شعوب مسيحية وتحت حكومات علمانية. "مهما شرقنا أو غربنا فلن نجد خيرا من الوطن".



إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى