0
 

تقرير: حسن محمد حاج :مقديشو

أربع مرات كل أسبوع تحط في مطار سخيبهول- أمستردام طائرة محملة بعشرين ألف كيلوغرام من نبات القات قادمة من كينيا. من يستهلك هذه الكميات الكبيرة؟ ومن يتاجر بها، وأين تذهب تلك الأموال؟ وهل تشكل هذه التجارة مصدراً لتمويل جماعة "الشباب" المسلحة المتطرفة في الصومال؟

يكشف تحقيق صحافي بثته الإذاعة الهولندية الأولى، ونشرت ملخصاً له صحيفة دي بيرس الهولندية اليومية، عن شكوك قوية بوجود علاقات بين تجارة القات في أوربا الغربية، التي تتخذ من هولندا نقطة انطلاقها، وبين جماعة "الشباب" الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي
.
يـُقدّر عدد أفراد الجالية الصومالية في هولندا بحوالي 22 ألفاً. ويعتبر استهلاك "القات" من العادات المنتشرة بشكل واسع في أوساط الصوماليين. لكن الكميات التي تدخل إلى هولندا أسبوعيا تفوق بكثير حاجة هؤلاء، ومن الواضح أن الجزء الأكبر منها يتم "تهريبه" إلى الدول الأوربية  الأخرى التي تضم جاليات صومالية، خاصة ألمانيا والدول الإسكندنافية. ويعتبر القات في هذه البلدان مادة مخدرة ممنوعة، على عكس هولندا التي لا تحظر حيازة القات أو المتاجرة به
 

وفي حديث للإذاعة الهولندية الأولى يقول مسؤول في الشرطة السويدية إن "95% من القات الذي يدخل السويد قادم من هولندا." ويضيف إن "تجارة القات شديدة التنظيم وتدرّ أرباحاً طائلة". ويذكر المسؤول الأمني السويدي إلى أن لديه "مؤشرات" على أن الأموال تذهب إلى جماعة "الشباب" التي تسيطر على أجزاء واسعة من الصومال وتفرض فيها حكماً أصولياً متطرفاً.
وقد تحدث الصحافي الهولندي الذي أجرى التحقيق إلى اثنين من المهربين السابقين، وهما صوماليان يقيمان في السويد، وأكد كلاهما أيضاً صحة المزاعم بأن جزءاً من الأموال تذهب إلى جماعة الشباب، ولكن دون أن يقدما ما يثبت هذه الاتهامات

وحسب المسؤول الأمني السويدي، وهو ما أكده أيضاً المهربان السابقان، فإن الأموال يتم تحويلها أسبوعياً، إلى أحد المصارف الإسلامية في دبي، ويقول المسؤول السويدي، إنهم لم يستطيعوا متابعة طريق الأموال أبعد من ذلك، أي أنه ليس من الواضح أين تذهب تلك الأموال بعد وصولها إلى دبي.
"الشباب تحرّم القات"لكن الصحفي الصومالي المقيم في هولندا، محمد ديخ، والذي يعمل في منظمة تعنى بمكافحة الإدمان على القات، يشكك بهذه الاتهامات. وقال ديخ في اتصال هاتفي لإذاعة هولندا العالمية، إن منظمته تـُعنى فقط بمكافحة الإدمان، وليس لديها معلومات حول مصير عائدات التجارة بالقات. وفي حين يؤكد الصحافي الصومالي أن هناك كميات كبيرة من القات تدخل هولندا عن طريق المطار، وأنها مصدر للربح بالنسبة لشبكة من التجار الصوماليين، إلا أنه لا يعتقد بوجود صلة لهذه التجارة مع جماعة الشباب. ويقول ديخ إن من المعروف أن "جماعة الشباب" تحرّم استخدام القات، وتسعى إلى منعه في الصومال، مما يجعل من المستبعد أن تشترك في التجارة به. كما نفى محمد ديخ أن تكون عائدات تجارة القات في هولندا وأوربا ، بذلك الحجم الكبير الذي تتحدث عنه الصحافة الهولندية، قائلاً أن عوائد القات داخل الصومال أكبر بكثير

الحل بيد السلطات الهولندية
يعتقد المسؤول الأمني السويدي إن الحل لمشكلة "القات" بسيط جداً وهو في ايدي السلطات الهولندية: "القات يفقد قيمته إذا لم يكن طازجاً، وإذا تأخر بضعة ايام، يصبح غير صالح للاستخدام، لذلك فإن تجار القات في أوربا مضطرون إلى إدخاله عن طريق الجو فقط. وهذه الإمكانية متاحة فقط في المطارات الهولندية، لأن هولندا تسمح بذلك. فإذا قررت هولندا التوافق مع السياسة الأوربية العامة بحظر القات، ومنعت دخوله عبر مطاراتها، تكون المشكلة قد حــُلت إلى حد كبير."

لكن السلطات الهولندية، ترفض حتى الآن منع "القات". ويقول الهولنديون إن السياسات الهولندية المتعلقة بالمخدرات الخفيفة عموماً تختلف عن السياسات الأوربية، فهولندا تسمح بحيازة الحشيش والماريجوانا وغيرهما من المواد، والمتاجرة بها ضمن ضوابط معينة

وقد أجرت السلطات الهولندية في عام 2007 دراسة حكومية حول القات، ووصلت إلى نتائج مفادها أن "القات" ليس مضراً بالصحة إلى درجة توجب منعه، كما إن الدراسة أظهرت عدم وجود مؤشرات تدل على صلة بين تجارة القات والمجموعات المسلحة في الصومال.
وقال متحدث من جهاز الأمن والاستخبارات الهولندي لصحيفة "دي بيرس" اليوم وعلى خلفية التحقيق الصحافي الجديد، إن المعلومات التي يمتلكها الجهاز تدل على أن المنظمات الاسلامية المتشددة مثل جماعة الشباب، لا تحظى بتأييد في أوساط الجالية الصومالية، ومن المستبعد أن تحظى بالتأييد في صفوف تجار ومهربي القات
 

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى