0
 بقلم : 
فارس بن حزام


الإشكال هذه الأيام في وزارة التربية والتعليم، بكل تأكيد، ليس الدكتور يوسف الأحمد، فالمشكلة ليست شخصية وليست خلافاً علمياً مع الأكاديمي الثائر. فمع تصدر اسمه لائحة مؤلفي مادة "الفقة والسلوك" يطل من فوق السور دليل جديد على عمق الأزمة داخل الوزارة، ويكشف عن وجود وزارة أخرى داخلها، خفية تدير عالمها بعيداً عن هرمها القيادي.
فلا شك لدي أن قيادة الوزارة، وأعني الصف الأول، لا علم لها بوجود اسم الدكتور يوسف الأحمد ضمن قائمة المؤلفين، فهي تعرف اسمه جيداً، وتعرف الموقف الرسمي كذلك، وقبل كل شيء، تعرف سلوكياته ومواقفه تجاه مسيرتها داخل الوزارة.
السؤال المطروح حالياً: من رشح الدكتور يوسف، ومن أجاز الترشيح، ومن مضى بسِرية الموضوع إلى يوم توزيع كتاب الفقه والسلوك على مدارس المملكة شاملة؟
هذه المجموعة الخفية هي أجوبة كل الأسئلة الفائتة، والتي تدير حياة الوزارة الداخلية ويومياتها، وما قصة الكتاب إلا رأس الجليد. فالجميع شريك في اختيار الأكاديمي الثائر، وليس في عامل الزمن أي عذر يمكن تقديمه، كأن يقال اختياره جاء قبل آرائه المثيرة للدهشة، فهو مثير منذ سنوات في شوارع العاصمة، وعملية التأليف والمراجعة للمنهج أنجزت أخيراً، وكان لزاماً أن يطلع القيمون على الوزارة قيادتهم على وجود اسم لا يناسب مرحلة التطوير المنشودة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، على ما يبدو.
الوزارة اليوم عضت على جرحها، وحاولت تخبئة حرجها، ولا أظن قيادتها جاهلة بما يدور داخلها، وإن نقصتها الشجاعة، فلابد أن تؤمن بوجود جيش من مؤيدي التصحيح والتطوير يدعم المشروع الوطني الكبير، وقد حانت الفرصة لمواجهة الأخطاء الكبرى، وتفكيك الوزارة الخفية داخلها.
ومع ذلك، لا يمكن إهمال جانب مهم، فقد جرت على الأطراف عملية تنظيف واسعة داخل إدارات تعليم بعض المناطق، أحالت عشرات المؤدلجين والمتدينين الحزبيين إلى التقاعد، بعد أن عبثوا كثيراً في تفاصيل العملية التربوية والتعليمية، وحولوا المدارس إلى مراكز حزبية يتصارع فيها "الإخوان المسلمون" وخصمهم الكبير "السرورية"، ذات الاستحواذ الطاغي على مفاصل المؤسسة وفروعها.
والآن، وبعد اللعب على الأطراف، بات واجباً وسريعاً، الدخول من العمق، فرغم تغيير القيادة، مازال الخلل قائما داخل الوزارة، ويبدو أن التصحيح الشامل عمل شاق جداً، ولا يحتاج إلى أقل من نفضة تاريخية كاملة تحيل عشرات المؤدلجين إلى التقاعد، وتبعث بجيل جديد إلى سلم الإدارة.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى