بقلم : هاني العقاد
لم تحترم إسرائيل اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ولا كامب ديفيد بقدر ما تريد من مصر الالتزام بما جاء في الاتفاقيتين بكل دقة وبقدر ما تريد إسرائيل من مصر الوفاء بالتزاماتها نحوها حسب الرؤية الإسرائيلية والالتزامات بالطبع تعنى أن تدلل مصر إسرائيل كما تفعل أمريكا وتقوم مصر بحماية اليد التي تقتل وتدمر وتحاصر وتبيد أبناء الشعب الفلسطيني دون رحمة ودون احترام لحقوقهم الآدمية بل وتقدم مصر جنودها قربانا لرضي إسرائيل دون أن يعترض الشعب على هذا أو يحرك هذا شيئا في نفسه الوطنية , ولم تحترم إسرائيل مشاعر الشعب المصري بعد أن قتل الجيش الإسرائيلي على الحدود مع مصر خمسة جنود مصرين بدم بارد وانتهك حرمة الأرض المصرية بادعاء بحثه عن الفدائيين الذين قاموا بعملية ايلات.
لم يأتي احتقان الموقف بين الشعب المصري وإسرائيل بين عشية وضحاها بل كان نتيجة لإحداث متراكمة جعلت من إسرائيل كيانا لا يمكن قبوله على الأرض المصرية ولا يمكن قبول ممثلية له في الوقت الحالي والسبب لا بد وان يوضح هنا وهو أن إسرائيل هي السبب الحقيقي لكل هذا لأنها هي التي زرعت الكره في قلب الشعب المصري وحتى كافة الشعوب العربية نحوها , فلا يمكن لان يقابل تطرف إسرائيل بالمنطقة بغير هذا ولا يمكن لتصلب موقف إسرائيل تجاه عملية السلام بالكامل أمرا يمر مرور الكرام دون أن يعمق كراهية الشعب العربي لإسرائيل ,هذا بالإضافة لسلوكها العدواني مع أبناء الشعب الفلسطيني بالضفة وغزة و حركة التهويد والاستيطان الخطيرتين اللتان تستهدفان الوجود العربي الفلسطيني بالقدس و الضفة الغربية , ولحصار غزة والحرب الأخيرة عليها سببا أخر لكراهية التي لم تبادر إسرائيل منذ اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل على إنهائها عبر سلام يبني على أساس الأرض مقابل السلام ودولتين لشعبين .
يعلل بعض النشطاء من أسباب لموقعة الشواكيش بأنه مخطط من فلول النظام السابق وأن جمال مبارك شخصيا من أمر وخطط هذا العمل ولا اعتقد أن جمال مبارك الآن في حالة تسمح له بالتفكير بمثل هذا العمل ويقدر على حشد الآلاف للتوجه والاعتصام واقتحام السفارة و إحراق العلم الإسرائيلي ولو كان كذلك لكان جمال مبارك هو من نفذ الهجوم على الجنود الإسرائيليين عند نقطة أم الرشراش ولو كان كذلك فان جمال مبارك هو من سيعلن الجهاد و الحرب على إسرائيل ..! ويعلل البعض العنف الذي حدث انه ناتج عن غضب غير عقلاني تجاه سفارة إسرائيل أدي إلى عدم احترام المعاهدات التي وقعت مع إسرائيل متناسين بذلك أن الشعوب لا تضبط مشاعرها و تعاطفها مع القضايا العربية كما الحكومات متجاهلين حالة الاحتقان التي سببتها إسرائيل نتيجة لتطرف قادتها , وان كان الحكم في مصر يبحث عن المتسببين في موقعة الشواكيش فعليه أن يعرف أن إسرائيل هي التي لا بد وان تحاكم لأنها أحرقت مشاعر المصريين و العرب اجمع .
تعتقد إسرائيل أن اتفاقاتها مع مصر ستبقي للأبد وهي اقوي من أي سلوك تفعله إسرائيل بحق الفلسطينيين وتعتقد إسرائيل أن الشعب المصري سيبقى حبل الوداد مع إسرائيل موصولا إلى الأبد هذا إن كان قد تم التأسيس لهذا الجبل و نسجه من خلال القضية الفلسطينية وهي القضية الأم في أي زمان وأي مكان, و خل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الضمان الوحيد لأي اتفاقيات سلام أبرمت بين العرب و إسرائيل من البقاء إلى الأبد, فلا بد لإسرائيل أن تتوقف عن التعاهد مع الحكومات على حساب الشعوب الحرة و عقد الاتفاقيات التي تعجبها و التخلي عن فكرة السلام العادل الذي تقنع كل من الحكومات و الشعوب , و ما تريده إسرائيل اليوم من خلال أزمة السفارة أن ان يحترم و يلتزم الشعوب العربية بالمعاهدات و الاتفاقيات الدولية عداها ,فتعتقد أن على الشعب المصري أن يحترم اتفاقية فينا لحماية الممتلكات الدبلوماسية ولا تحترم إسرائيل اتفاقيات جنيف الرابعة لحماية الفلسطينيين و تتعامل معهم على أنهم شخوصا لا حقوق لهم بالأساس لتحترم , وتعتقد إسرائيل أيضا خطأ أن الحكم في مصر سيقمع الشعب لأجل عينيها بالمستقبل حتى وان تعلق الأمر باحترام اتفاقية السلام لان الشعب و الساسة أنفسهم من يمينهم إلى يسارهم يدركوا أن إسرائيل لم تحترم اتفاقية السلام مع مصر ولم تكمل تنفيذ بنودها حتى اللحظة بل نفذت ما هو في صالحها فقط , وهنا على الجميع أن يدرك أن المكون الأيدلوجي لوعي الشعوب تغير بتغير النظام ولا بد وان يتعامل حسب هذا التغير وإلا فان صراعا جديدا سينشب على خلفية الحكومة تريد والشعب يريد ؟
لعل الرسالة التي جاءت مع هدم السور الواقي للسفارة الإسرائيلية و اقتحامها بالقاهرة في موقعة الشواكيش لها مائة عنوان لمائة رسالة مفادها أن إسرائيل كيان لا يرغب الشعب المصري وكل الشعب العربي بمجموعه بإقامة أي علاقات سياسية ولا دبلوماسية ولا حتى اقتصادية دونما تتغير إسرائيل لدولة تصنع السلام الحقيقي و تتخلص من حالة التطرف التي يقودها نتنياهو وعصابته الصهيونية وإلا فان القوة اليوم للشعوب و ليس للحكومات , وعلي إسرائيل استخلاص العبر من هذه الحادثة و سحب كل دبلوماسيها من القاهرة و الدول العربية الأخرى والامتناع عن إرسال أي وفود عادية أو دبلوماسية لمصر أو حتى دول عربية توجد بها سفارات إسرائيلية قبل احترام إسرائيل لحقوق الإنسان العربي الفلسطينيين و القبول بالسلام الذي يضمن الأمن و الاستقرار لجميع دول المنطقة .
Akkad_price@yahoo.com
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم