0
 هاني العقاد
بقلم : هاني العقاد

عاد  الأسري والأسيرات الفلسطينيين ممن شملتهم صفقة التبادل , تنسموا عبير الحرية التي حرموا منها سنوات طوال وهم وراء القضبان وفي غرف التحقيق وزنازين العزل الانفرادي , خرج العديد من أصحاب المؤبدات ,ممن قالت إسرائيل أنهم سيموتون داخل المعتقل ولن يروا النور ولو للحظة قبل الموت ,خرج الأسري وهم لا يقرون بالانقسام ولا يعرفونه ولا يحبون أن يسمعوا عنه أو يتعرفوا على تفاصيله وأسبابه ونتائجه  وهم بهذا  يقروا انه عار على فلسطيني أن يعرفه أو يمارسه أو يجسده , وهم بهذا يقروا أن الانقسام يجب أن يذهب بلا رجعة عن هذا الوطن,  أنها لحظات عاشها كافة أبناء الشعب الفلسطيني على امتداد  الوطن من غرة إلى رام الله ومن طولكرم إلى نابلس وجنين والقدس  ولحظات امتزجت فيها الدموع بالزغاريد والهتاف للحرية لباقي الأسري, لحظات توحد فيها كل الفلسطينيين بالدموع وامتدت إلى كل بيت وكل شارع وكل حارة وكل مدينة فلسطينية احتفت بحرية الأسري الأبطال.
لقد وحد الأسري كل الفلسطينيين و وحدوا قادته إلى حد بعيد  و وحدوا شطري الوطن من خلال الوقفة الجماهيرية الشعبية العفوية التي وقفها كل أطياف الشعب  الفلسطيني على امتداد الوطن والتي كان لها حساباتها في الأروقة السياسية الفلسطينية وكانت هذه الوقفة الموحدة المتأصلة في شعبنا الفلسطيني وقفة توحدت فيها الرايات الفصائلية واصطفت بجانب بعضها البعض دون مناكفات و دون مشاحنات ودون اعتقال لمن يرفع راية هذا الفصيل أو ذاك , بل وتكاد  السيارات المحتفلة وهي تجوب الشوارع كانت تعلوها الأعلام الفلسطينية  ورايات كافة الفصائل بما فيها فتح و حماس   , وفي  خيام الاستقبال الأسري اصطف الفتحاوي إلى جانب الحمساوي يأخذ دوره ليحتضن هذا الأسير أو ذاك ,واحتشدت  الخيام بالمهنئين من أبناء الوطن من كافة الفصائل والتوجهات السياسية و والمؤسسات الوطنية والعائلات والقبائل , والاهم أن  الأسري وحدوا  التوجه الرسمي  و الفصائلي الفلسطيني لضرورة   السعي الحقيقي وبكل السبل لإطلاق باقي الأسري الفلسطينيين من المعتقلات الصهيونية وضرورة إنهاء ملف الأسري بأي آلية كانت وهنا قوي الخطاب الفلسطيني المطالب بحريتهم وحرية الوطن اجمع  وعلى غير ما خططت إسرائيل فان  الأسري المحررين مهدوا جيدا  أمام المصالحة الفلسطينية الحقيقية وأصبحت على مرمي حجر و باتت اقرب من أي وقت مضي وهذا ما برهنت عليه التصريحات الأخيرة لعقد لقاء قمة بين الرئيس أبو مازن وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يكون بداية المشاركة الفعلية على ارض هذا الوطن .
إن المصالحة الفلسطينية باتت على مسافة قريبة جدا من التحقق بالذات على قاعدة أن الوطن للجميع وقضايا الوطن وثوابته تحتاج إلى كل الجهود وتحتاج إلى كل الأيدي وتحتاج إلى كل العقول , وأن المصالحة باتت قريبة بعد أن رأي هذا العدد من الأسري النور والحرية وبعد أن فتحت صفقة التبادل أفاق جديدة أمام الساسة الفلسطينيين بكافة ألوان العمل السياسي ورأوا أن الوطن واحد والأسري هم أبناء هذا الوطن والأسري هم عنوان معاناة أخري من معاناة الشعب الفلسطيني اجمع  , لكن المهم أن  يستغل المجموع الفلسطيني  هذه الفرصة الرائعة والحقيقية التي أحدثها حرية هؤلاء الكوكبة العزيزة علينا جميعا ويحققوا آمال وطموح وحلم هذا الشعب العظيم , ولعل اللافت للنظر أن  إسرائيل رفضت اشتمال بعض القادة  أمناء سر الفصائل كالبرغوتي وسعادات وقيادات أخري مؤثرة  كسلامة وحامد  وكبار الأسري القدامى كفؤاد الرزم و نائل و فخري البرغو تى  و أكرم منصور و إبراهيم جابر و سليم الكيالى  ممن لهم تأثير كبير على القياديتين في فتح وحماس خشية من تقارب القيادتين أكثر ونجاح المصالحة , لكن إسرائيل لا تعرف أن ما خافت منه سوف يحدث في القريب العاجل وعلى شرف حرية  كل الأسري الأحرار ممن شملتهم الصفقة أو ممن ينتظرون صفقات أخري للتحرير .                                        
لم تتوقع إسرائيل نتائج كالتي جاءت بها صفقة تبادل الأسري الفلسطينيين على المستوي الجماهيري والمستوي الوحدوي بقدر ما توقعت أن تفسد الصفقة الالتفاف الكبير حول القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس وتقليل أسهمه وبالتالي يتأثر موقفه تأثرا سلبيا عندما تتناقص أسهمه الجماهيرية وترتفع لصالح حماس  وبالتالي تتسع الهوة بين سلطة أبو مازن وحماس ويتأثر موقفه المطالب بشرعية دولة فلسطين  , لكن  الجماهير الفلسطينية والأسري الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية وقيادة حماس افشلوا جميعا مخططات إسرائيل الشيطانية و جعلوا من الصفقة دافع قوي للتوحد وعودة الوفاق الوطني الفلسطيني وتجسيد المصالحة على ارض الواقع بحكومة وفاق وطني فلسطيني  من أجل الدولة الفلسطينية واجل القدس العاصمة  واللاجئين  و كافة قضايا الثوابت الفلسطينية

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى