0
 د آل زارب
بقلم الدكتور/أحمد صالح آل زارب  
لقد علم الله سبحانه وتعالى وهو يضع المنهج العلوي المعجز أنه لا بد من قلب إنسان يحمل المنهج الإلهي الخالد ويحوله إلى حقيقة ماثلة أمام الناس لكي يعرفوا أنه حق، فيقتدوا به ويتعلموا منه ويستجيبوا له،وينهجوا نهجه في المكارم والفضائل والخلق العظيم[1]).ولذلك فقد اختار الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،ليقوم بهذا الدور المتميز فأعده ورباه منذ البداية ليكون المشكاة التي يقتبس منها ويستضاء بها.فقال الله تعالى:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى*وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى[2]}،نعم لقد رباه فأحسن تربيته،فآواه يتيما وهداه من الحيرة وأغناه من الفقر،فكان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة قمة في الأمانة والصدق ومثلا فريدا في قومه وصاحب الرأي السديد والخلق الحسن،ولذلك فقد منحه الله الشهادة العظيمة حيث قال الله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[3]}،وقد وضع الله في شخصه e الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي ثم بعثه للناس كافة وجعله القدوة الدائمة للبشرية، يتربون على هديه،ويرون في شخصه الكريم الترجمة الحية، فيؤمنون بهذا الدين على واقع تراه أبصارهم محققا في واقع الحياة.قال سبحانه وتعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً[4]}.قال القرطبي في معنى الأسوة:"الأسوة القدوة،والأسوة إما يتأسى به أي يتعزى به،فيقتدى به في جميع أفعاله ويتعزى في جميع أحواله[5]"،و إذا كانت هذه الآية قد نزلت عتابا للمتخلفين عن القتال، والذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم  ليوم الأحزاب،فهي أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم.في أقواله وأفعاله وأحواله، وأمر من الله سبحانه وتعالى للمسلمين بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في صبره ومصا برته ومجاهدته[6].وهي بيان للناس بأن هذا الرسول هو أسوتهم الذي يجب أن يكرروا سيرته في ذواتهم ويتمثلوا من شخصيته ما هو بمقدورهم،بتنفيذ مقاله وإتباع نهجه وتحقيق ما دعاء إليه، فهو الأمين على وحي السماء وقد بعثه الله رحمة للعالمين.فقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[7]}.



[1] (محمد قطب:منهج التربية الإسلامية:ج1, ص222
[2] (سورة الضحى : 6 – 7 )
[3] ( سورة القلم:4).                                                            
[4] (سورة الأحزاب:21).
[5] (القرطبي:الجامع لإحكام القرآن،ج14،ص155). 
[6] (مجمد علي الصابوني:مختصر تفسير ابن كثير، المجلد3، ص88)
[7] (سورة الأنبياء:107)

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى