0

جميله الخمعلي-زوايا:

 لا زال أهل سوريا ينظرون بذهول وريبة واستهجان إلى طريقة تغطية الجزيرة لأخبار الوريث الوحيد بين حكام العرب الذي غيّر الدستور واستحوذ على الميزانية واستعبد الناس وأطلق المخابرات والعسس لمراقبة كل سوري في يقظته ونومه وسفره وإقامته وصلاته وصومه ودراسته ومكتبته وشرائه وبيعه....ولا زال الناس هناك يتندرون على إلحاح الجزيرة في تغطية أخبار جمال مبارك كوريث لأبيه وسيف القذافي وأحمد علي عبد الله صالح وكل هؤلاء لم يعلنوا ذلك عمليا ولم يغيروا دستور بلادهم ولكن أمانة الإعلام في الجزيرة تفرض عليها أن تُقولهم كل ذلك وتُحذر الناس من التوريث أما بشار الوريث اللاشرعي والممثل الشرعي لأكبر طغيان على وجه الأرض فإن الجزيرة لا زالت تظهره بأنه الممانع والمرن والمحترم وفخامة الرئيس ..... ولا يقال في هذا المقام للجزيرة إلا بقول النبي ( إن لم تستح فاصنع ما شئت ) أما كل فاضل وشريف وحر على وجه الأرض فإنه يلعن ذي الوجهين لأن ذي الوجهين هو الأسوء دائما !! وهذا المقال يبين وجها بسيطا من الزيف والحيف واللاحيادية التي تدين بها هذه القناة في كل ما يخص المعسكر الشعوبي الشيعي الفارسي العدواني ....
 
ملف الفساد
في قضايا الفساد ونهب أموال الناس و المحسوبيات والخيانات، لم تترك الجزيرة بلداً من بلدان العالم العربي إلا وفتحت له ملف يختلف حجم الملف باختلاف البلدان، وبين فترة وأخرى تعيد فتح الملف، باستثناء سورية لا يشار إليها لا من قريب أو بعيد فضلا عن أن تواجهها الجزيرة بقضايا الفساد.
 
ظلم أجهزة الأمن
كشفت الجزيرة بتقاريرها الكثير مما يقع خلف القضبان في مصر وبلاد المغرب العربي ومنها الفلم الوثائقي الأشهر (وراء الشمس) والتقارير المتفرقة في نشراتها عن التعذيب الحاصل في مراكز الشرط، ولو اجتمع كل ما يحصل في بلدان عالمنا العربي لم يقارب ما يحدث في سوريا ومع هذا فالجزيرة تتجاهل هذا البلد العربي.
 
نصرة المعتقلين
لا يكاد يمر شهر إلا وتجد في شريط القناة خبر عن اعتقال شخص في مصر وآخر في موريتانيا والمغرب، بينما سورية يُعتقل فيها العشرات شهريا وتتجاهل الجزيرة كل ذلك ومثله في إيران، وعندما اختطفت إيران الرجل -عبدالملك ريغي زعيم حركة جند الله - والطائرة في الجو.. كل ما فعلته هو عرض الخبر بحيادية مفرطة، ومثله في سورية التي تجري فيها الاعتقالات الطائفية والسياسية لا تشير إليها الجزيرة إلا في حالات يحصل بعدها إطلاق المعتقل من السجون السورية خلال أسبوع أو أقل وكأن هناك تنسيق بين سورية والقناة على هذا النوع من التسويق المشترك.
وفي المقابل إذا اعتقل قيادي من إخوان مصر فإنها تقض -مشكورة- مضجع النظام في مصر، وأيضا إبان اعتداءات الحوثيين عرضت الكثير من أخبار معتقليهم، ثم مع بثها لأخبار المعتقلين هناك انتقائية للمعتقلين، فمن كان إخواني أو يساري أو قومي تنقل حالته باستمرار، أما المحسوبون على التيارات الإسلامية الأخرى لا تتناولهم بالذكر، وهي انتقائية سيئة لا تمارسها منظمات حقوقية أجنبية كافرة.
 
الاحتجاجات والمظاهرات
من المستحيلات أن ترى على شاشة الجزيرة خبر يتناول مظاهرات في سورية بينما لو اجتمع شخصان في القاهرة أو الرياض لجعلته الجزيرة خبرا رئيسيا متكررا في نشرتها، ونحن هنا لا نعيب عليها تسليط الضوء على أي احتجاج أو طلب لرفع الظلم عن الناس، بل هو أمر مطلوب منها، وإنما نعيب عليها تجاهل المعسكر الإيراني من التغطية، ثم هناك التعمية والتضليل في التعاطي مع مظاهرات مرتبطة بالمعسكر الإيراني، فلو كان الأمر يصب في مصلحة المعسكر في المنطقة فإن الجزيرة تقيم الدنيا من أجل إنجاح المظاهرة والتسويق لها عربيا، وتتجاهل أي غلط يكون سببه إضعاف التظاهر، بينما لو كان الأمر على خلاف ما تشتهي إيران فإنها تحاربه وتسعى لإفشاله بكل قوة، ونستشهد هنا بحدثين وقعا في أوقات متفرقة في بلد عربي واحد لبنان، فعندما خرج حزب الله إلى الشارع في 7 أيار وأذهب الأرواح وأفسد الممتلكات وأحرق المؤسسات وأغلق المطار والشوارع لم تصف الجزيرة في كل ما عرضته صنيع الحزب(شغب) أو(إرعاب) أو(تدمير)، ولم تطالب نصر الله بكف يد أتباعه، ولم تنشر صور حقيقية لحجم التدمير الذي حصل، وإنما مقتطفات من هنا وهناك.
وفي المقابل عندما خرج السنة في لبنان وتظاهروا في مناطقهم ولم يمسوا شخصا من أي طائفة أخرى بسوء أو يعتدوا على مناطق لطوائف أخرى ذكرت الجزيرة عن المظاهرات كل سوء وشر وضخمت الحدث، وحملت الحريري ودار الفتوى في لبنان جزءاً من المسؤولية، ومع خروج الحريري ورفضه لما حصل من إغلاق طرقات وحرق لسيارة الجزيرة فإن القناة استمرت في وصف الاحتجاجات -على حق سلب من أهل السنة في لبنان (رئاسة الوزراء) - بأقبح الأوصاف بينما الحزب الذي لم يسلب منه (حقه) ومازالت شبكة اتصالاته تعمل وأحرق بيروت وبارك سيد هذا الصنيع فإن الجزيرة لم تصف الحقيقة في كل ذلك، واكتفت بالتجاهل أحيانا وفي أخرى تبرر صنيع الحزب، وبين أيدينا اليوم مثال أخر وهو ما يجري في البحرين، فقد نقلت الجزيرة احتجاجات الشيعة على أنها احتجاجات شعب وليست احتجاجات طائفة، احتجاجات مضطهد لم تذكر بأنه يشكل أغلبية في البرلمان إلا مرة أو مرتين في تعمية منها على هذه الحقيقة، ولم تنقل صور التدمير الذي حصل في بعض الأسواق ولم تنقل صورا للمتظاهرين وهم يرفعون صور خامئني في خدمة منها لهم، وحجبت كل ما من شأنه أن يفسد هذه التظاهرة أو يشكك في أسباب خروجها.
وفي المقابل لم تنقل إلا صورة أو صورتين للمتظاهرين المؤيدين وتنقل موقفهم في سياق خبر فرعي أما الخبر الرئيسي فهو الرفض الشيعي في تقزيم لخبر وتضخيم لآخر، وفي مثل المثاليين السابقين قل في إيران والكويت والسعودية.
فأين الأمانة وأين شرف المهنة واين رأي من لا رأي له ومنبر من لا منبر له؟!!


إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى