0
كتب : د. أحمد آل زارب :
إن من المشكلات التي تواجهها الأسرة المعاصرة التسابق المادي وراء الكسب المالي،وانتقال كثير من الكماليات إلى الضروريات،مما أدى إلى التقصير في جانب العلاقات الأسرية،وضعف الصلات،وربما تفاقم الأمر ونتج عنه قطيعة الرحم التي قال عنها صلى الله عليه وسلم "الرحم معلقة بالعرش تقول:من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله[1]). والمراد تعظيم شأنها، وفضيلة واصليها، وعظيم إثم قاطعيها[2]).كما أن صلة الرحم من أبواب بسط الرزق وبركة العمر ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ*له في أثره فليصل رحمه [3]).
فقد الكبير لبعض حقوقه:
اللهث وراء الماديات والاندفاع وراء كسب المال وجمعه والتنافس في ذلك أظهر جانبه العكسي وهو التقصير تربوياً داخل بعض الأسر فلم ينشأ الناشئة على تقدير الكبير واحترامه ومعرفة حقه ومكانته وظهر من يتهاون في حقوق الكبار الأدبية كالمبادرة بالحديث قبلهم والسير أمامهم في الوقت الذي رفع الإسلام من شأن الكبير وحفظ له حقوق كبر السن وظهور الشيب في مفرقه ولحيته .ويلق ذلك عدم توقير أهل العلم والفضل ربما فضلهم الله تعالى به من العلم النافع قال تعالى:{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ[4]}
ضعف تقبل تعدد الزوجات :
إن من سنن الله تعالى الاجتماعية في خلقه أن أباح للرجال النكاح مثنى وثلاث ورباع قال تعالى :{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [5]}.
والمشكلة لا تكمن في قلة عدد الذين يأخذون بالتعدد فهذا كله بحسب رغبته وطاقته وحاجته وقدرته على العدل ولكن المشكلة تكمن في محاربة ذلك بأساليب النقد الاجتماعي والإنكار على من تزوج بأكثر من امرأة وكأنه خرق قاعدة أصولية للمجتمع أو ربما وجهت له الأسئلة التي تحمل في طياتها الإنكار على ما صنع والنقد الاجتماعي من أهم وأقوى أسباب عدم الأخذ بالتعدد،ومن أساليب إضعاف التعدد لذوي الحاجات والضرورات الأسلوب ألقصري يسن الأنظمة والقوانين التي تمنع التعدد والتي ما أنزل الله بها من سلطان والبعض يثير نقطة تربوية مشبوهة حول التعدد بأن الزواج بأكثر من واحدة يؤدي إلى الكثير من المشكلات الأسرية ويكون سبباً رئيساً وراء انحراف الأبناء.

[1](البخاري (4/95-96) برقم (6024) ومسلم (4/2003-2004) برقم (77/2593) واللفظ له )
[2](النووي صحيح مسلم بشرح النووي(16/112)
*ينسأ:النشء أي التأخر،يقال نسأت الشيء نسأ،وأنسأته أنساء إذا أخرته.النهاية في غريب الحديث والاثر(5/44)وهذه الزيادة كناية عن البركة في العمر،بسبب التوفيق إلى الطاعة،انظر فتح الباري10/416)
[3](البخاري(4/89)برقم(5985)واللفظ له.ومسلم(4/1982)برقم(20-2557)
[4] (سورة الزمر:الآية9)
[5] (سورة النساء:الآية3)

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى