كتب - حسام عز الدين :
خلال الألفي عام الماضية، اجتهد المنجمون حول العالم في التنبؤ بما أسموه المائتي يوم المصيرية المتبقية للكون.
مائتا مرة كان من المفترض أن ينتهي العالم، لكن ذلك لم يحدث. وكما تشير
الإحصائيات هذه المرة أيضا، فإن شيئا من هذا القبيل لن يحدث يوم الجمعة
المقبل 2012/12/21، الذي تعتبره ثقافة المايا نهاية العالم.
لن يتجمّد العالم، ولن يصطدم الكون بأي نيزك ضخم، ولن نحترق بنار آتية من
قلب الكرة الأرضية، كما لن تقضي علينا الكائنات الفضائية الغريبة.
كيفية نهاية العالم هي بمنزلة جدل مستمر ومفتوح، مثل النقاش الذي يدور حول
المكان الذي يجب أن ننتظر فيه تلك النهاية. حدث ذلك قبل فترة ليست ببعيدة،
عندما اضطرت الميليشيا الرسمية الروسية لاصطياد عشرات الروس من مياه إحدى
البحيرات، الذين كانوا ينتظرون نهاية العالم. وإذا تمعّنا قليلا عبر شبكة
الإنترنت سنجد توصيات كثيرة مماثلة حول المكان الذي يجب الانتظار فيه
لملاقاة هذا المصير: فوق الجبال، في الصحراء، أو الانتظار في المنزل.
الأمر الذي يبقى غير واضح أيضا هو تاريخ انتهاء العالم، ويمكن متابعة النقاشات المرتبطة بهذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي.
المؤمنون يؤكدون أن علم يوم القيامة عند الله، وهو -سبحانه- من يقرر لحظة
إنهاء العالم تماما، أما الذين يؤمنون بديانات ومعتقدات أخرى غير سماوية،
فيتكهنون بما سيحدث؟ بعضهم يؤمن بالتقمّص، والبعض الآخر بفناء المادة وبقاء
الروح.. لكن كل تلك الأمور تبقى مجهولة.
سبعة سيناريوهات
توقعت حضارة المايا أن العالم سينتهي خلال القرن الواحد والعشرين، لكن كيف سيحدث ذلك؟
هناك سبعة سيناريوهات مختلفة حول كيفية حدوث ذلك، وفق توقعات كتّاب القصص العلمية الخرافية.
مع اقتراب التاريخ الحاسم للموعد المزعوم لانتهاء العالم، يشهد القطاع
السياحي في غوانتيمالا انتعاشا ملحوظا، حيث يشعر أصحاب الفنادق بالسعادة،
في حين يشعر أبناء قبائل المايا الاثنية بالغضب من التخمينات الكثيرة التي
تستغل تقويمهم الزمني. جبل بوغارا الذي من المفترض أن يسلم من الإبادة، حسب
الأسطورة، محاط الآن بكمية هائلة من السياح. في هذه الأثناء، حاولت
الوكالة الأميركية الوطنية للطيران والفضاء (ناسا) تهدئة التوتر على موقعها
الإلكتروني، فأشارت إلى أنه لا يوجد أي خطر يهدد العالم حاليا بأي شكل من
الأشكال. العالم منقسم، قسم يخاف الفناء الذي لا مفر منه، والثاني يدق على
رأسه، في إشارة إلى أن مناصري القسم الأول هم مجانين وأغبياء.
سبب ذلك كله يتمثل في اللائحة الهيروغليفية -أو ما يعرف بالمعلم 6 - الذي
عثر عليه في تورتوغوير جنوب المكسيك، الذي يعود تاريخها الى القرن السابع
ميلادية. ولأنها تعرّضت لتلف كبير، فإنه لم يكن ممكنا تفسير فحواها
بالكامل. يوجد فيها مثلا التاريخ الذي يغلق العد الكبير، أي التقويم الأطول
والأكثر سرية من أنظمة التقويم الدورية، التي كان كهنة المايا يستخدمونها.
التقويم الكبير الذي يضم دورة قوامها 5126 عاما، بدأ في عام 3114 قبل
الميلاد، وهو مقسّم لعصور مختلفة، يبلغ طول كل عصر حوالي 394 عاما. وكان
أبناء حضارة المايا يعتبرون الرقم 13 مقدساً، ولذلك فإن العصر الثالث عشر
كان سيشكل العصر الختامي. وحسب ما يفيد الخبراء فإن نهاية العصر المذكور
ستقع بتاريخ 2012/12/21، وهو بحد ذاته رقم يتمتع شكليا بنكهة باطنية إلى حد
ما. إذ إن 21 هو عكس 12، لكن ماذا سيحدث؟ ما الذي يجب على البشرية أن
تخشاه؟ هل سيأتي الخطر من الفضاء، أم من الأرض، أم أن الناس سيتسببون وحدهم
في نهايتهم؟ إمكانات فناء الأرض، العالم، الحضارة الإنسانية والعرق البشري
بأكمله، كثيرة ومتنوعة، أهمها سبعة سيناريوهات تتناولها جميعاً كتب الخيال
العلمي.
لكي يختار القارئ ما يتناسب مع ذوقه الخيالي.
1 - انفجار بركاني
تفيد بعض التفسيرات أن صورة نهاية العالم كما توقعتها «نبوءة حضارة
المايا» تشبه النشاط البركاني. وقد قدم تصورا حول هذا الأمر الفيلم الكبير
لرونالد ايميريخ واسمه «2012»، حيث يتحول كل شيء على الارض الى لهيب حارق،
ويوجد تحت منطقة ييلوستون فعليا بركان ضخم، حيث سيساهم انفجاره بتدمير
الولايات المتحدة وتهديد الحياة على الارض، ستتوقف الملاحة الجوية، وتسود
الكآبة، وستغرق اوروبا في برد قارس، البرد سينتشر باتجاه النصف الجنوبي من
الكرة الارضية، وسيضرب الجفاف عدة مناطق، اما احتمال حدوث ذلك السيناريو
فهو 1 إلى 600:000 لكن للأسف، يمكن للتسونامي الضخم ان يضرب في اي تاريخ،
واي مكان، كما حدث خلال العام 2004.
القصة التي اعدها باتريك روبنسون «شامشير اس ال - 2» تتوقع ايضا مآسي
مرتبطة بالانفجارات البركانية، وان بطريقة مختلفة، فتفيد بأن منظمة حماس
المدعومة من ايران والصين وكوريا الشمالية، تحصل على غواصة روسية هجومية من
الطراز الرفيع، ثم تستعملها كأداة لهجوم ضد الولايات المتحدة، وهي الحملة
التي يمكن وصفها «بالارهاب الجيوفيزيائي». يقوم الاشخاص الموجودون في
الغواصة بإطلاق صاروخ ضمن خط الطيران الذي يطلق عليه اسم «شامشير». الا ان
هدف الصاروخ ليس القواعد العسكرية او الاهداف المدنية، بل البركان،
فالاصابة المباشرة يمكن ان تتسبب بانفجار البركان المذكور، من دون اي تحذير
مثل ذلك الذي يمكن ان يسبق الانفجار «الطبيعي». ينفجر اولا بركان سانت
هيلينا في شمال غرب الولايات المتحدة، ثم بركان مونتسيرات في البحر
الكاريبي.
لكن كل ذلك ليس سوى تحضير وتحذير تمهيدي استعدادا لشن الضربة الاكثر
تدميرا والموجهة نحو بركان كومبري فييخا الموجود فوق جزيرة لا بالما، خامس
اكبر جزيرة من جزر الكناري. انفجار هذا البركان يتسبب بانهيار قسم كبير من
الجزيرة في البحر، وهو ما يتسبب لاحقا بتسونامي ضخم غير مسبوق الحجم، يعبر
المحيط الاطلسي ويضرب الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة، غواصة الإرهابيين
تقترب من هدفها، في الوقت الذي تحاول البحرية الاميركية العثور عليها،
وتندلع في واشنطن ازمة سياسية حادة بسبب ذلك.
2 - الاصطدام بنيزك
سبق للكاتب فرانتيشيك بييهونيك ان كتب رواية عن احتمال الاصطدام بكائن
فضائي، او نيزك على الارجح، في العام 1958، ووفق ما جاء في الرواية التي
حملت عنوان «روبنزونيو الفضاء»، فإن الارض هي مهددة بسبب احتمال اصطدامها
بنيزك ضخم، يتم ارسال مركبة فضائية لمواجهة النيزك القادم وضربه بقنبلة
نووية، لكي تحيده عن مساره، لكن الهبوط لا يتم على ما يرام بسبب انهيار
الملاّح نفسيا، ويتم بالتالي تعطيل المركبة الفضائية، يفر الفريق من
المركبة التي تحمل القنبلة، والتي تنفجر في نهاية المطاف، وتتمكن بالتالي
من تحييد النيزك عن مساره، ومنع اصطدامه بالكرة الارضية.
3 - نزاع حربي
يمكننا العثور على اكثر من بؤرة توتر ضمن منطق الاحداث الدولية الحالية
التي يمكن ان يتسبب انتشارها باندلاع حرب اوسع واخطر ضمن الظروف
الاستثنائية. وتتم الاشارة بشكل مستمر في القصص العلمية الخرافية الى
احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، لكن ذلك يكون مملا من وجهة نظر وصف
الاحداث المأساوية الحضارية، ان الامكانات التي تتحدث عن تدمير العالم،
الارض، حضارتنا، والعرق البشري، هي كثيرة ومتنوعة.
4 - قوة الشمس
ذروة الدورة الشمسية ستحدث خلال فصل الربيع من عام 2013: الانفجار الذي
سيحدث في الشمس سيتسبب بفنائنا بشكل مباشر، او ان جزئيات الحرارة المتناثرة
جراء ذلك الانفجار ستتسبب بتدمير الاقمار الاصطناعية وتفرعات الطاقة
الكهربائية، ويمكن قراءة مثال على تلك المشاكل العالمية المحتملة في رواية
«الظلام» للكاتب اوندرجي نيف، وروايته اللاحقة المكملة لها «ظلام 0:2» الذي
يصف بشكل ساخر التبعات القاسية لاختفاء الكهرباء من احدى القرى. لا يتحدث
الكاتب هنا عن انقطاع التيار الكهربائي كما نعرفه، بل عن اختفاء الكهرباء
كليا كظاهرة، حضارتنا ستختفي كليا وبسرعة فائقة بسبب اختفاء الطاقة
الكهربائية، وستقع في ظلام القرون الوسطى. وهنا لن ينتصر الا الاقوياء،
المتوحشون، الذين لا رحمة عندهم.
5 - وباء قاتل
ما يجب ان نقلق منه في الواقع ليست هجمات الكائنات الفضائية الغربية او
انتفاضة الذكاء الاصطناعي التي لا تزال جزءا من القصص العلمية الخرافية، بل
الكائنات الدقيقة التي تعيش معنا، جرت عمليات تسرب للفيروسات القاتلة من
بعض المختبرات العلمية كما حدث مؤخرا، ويكثر الحديث عن الرؤية المرعبة
للحرب البيولوجية التي يمكن ان يشنها ارهابيون.
عاصرنا ايضا شبح اندلاع اوبئة مرضية معدية مختلفة، لكن ذلك باستثناء مرض
الايدز لم يحدث بعد: «مرض جنون البقر»، «انفلونزا الطيور»، واحيانا يشن
فيروس «ايبولا» هجمات صاعقة، او «البكتيريا الآكلة للحوم» Streptococcus
pyogenes لكن ما هو اسوأ من ذلك هو اننا نلج حاليا الى مرحلة ما بعد
المضادات الحيوية بسبب المبالغة باستخدام، واساءة استخدام المضادات
الحيوية، التي لم تعد فاعلة في كثير من الحالات.
ان دمج بعض العوامل الخطرة يمكن ان يؤدي لمأساة، تماما كما حدث في مفاعل
تشيرنوبيل الروسي قبل حوالي 40 عاما الكاتب كارل تشابيك يتحدث عن ذلك في
روايته «المرض الابيض» لانه لو لم تكن الحروب والموانع السياسية المختلفة،
لكان الدواء الذي اخترعه غالين قادرا على وقف الوباء المرعب.
6 - التجارب العلمية
التجارب العلمية بدورها تتمتع بفرص لا بأس بها لتحقيق الكوارث. حتى انه
يكون لهذه القصص احيانا نكهة مرعبة، مثل رواية «تسعة مليارات اسم الهي»
للكاتب اي سي كلارك، والتي تتحدث عن مجموعة من كهنة التيبيت الذين يعملون
منذ ثلاثة قرون على الكتابة المنظمة لجميع اسماء الالهة. يفعل الكهنة ذلك
من خلال تبديل رموز ابجدية غير محددة بشكل اوضح، والتي يمكن حسب رأيهم ان
تكون اسماء للالهة. ان المعنى الوحيد لوجود العالم، حسب رأيهم، يتمثل بمنح
الله جميع الاسماء التي يستحقها، والتي يصل عددها الى حوالي تسعة مليار
اسم.
ولكي ينجزوا العمل بشكل اسرع، قرر هؤلاء شراء جهاز كمبيوتر يكون قادرا على
انجاز العمل خلال بضعة اشهر فقط، في حين ان التوقع الاساسي كان يتحدث عن
خمسة عشر الف عام بدون جهاز كمبيوتر. وعندما تقترب نهاية العمل، يقرر
الكهنة مغادرة الدير الذي يقيمون فيه، لكي لا يكونوا شهودا على خيبة امل
الكهنة الآخرين. وخلال توجههم الى الطائرة المحضرة لهم، يلاحظون، خلال لحظة
انتهاء المهمة الحسابية، ان النجوم في السماء تنطفئ واحدة تلو الاخرى.
7 - التغييرات المناخية
يدور نقاش كبير حول انهيار النظام المناخي والتغييرات المناخية الكثيرة
الحاصلة. الوضع سيكون اكثر وضوحا بعد بضعة اعوام بلا شكل، ان كان سلبا ام
ايجابا، لكن يمكننا في الوقت الحاضر التمعن بنظرية اخرى من نظريات الكاتب
ايميريخ المبينة في رواية «اليوم التالي»، حيث تتعرض فيها الارض لاجتياح
الطقس المتجمد، ويختبئ الابطال في ملجأ مكتبة الكونغرس حيث يعملون على حرق
الكتب النادرة والقيمة لتدفئة انفسهم.
في رواية «حرب مع الحيوان الضخم» للكاتب فلاديمير بارال، يتحكم بالعالم
كائن ضخم ولد بسبب النفايات الكثيرة التي ينتجها البشر. وعندما يتمكن الناس
من مواجهة هجمات هذا «الحيوان» فانه يخترقهم ويدخل الى هيكلياتهم الجسدية
والنفسية.
وقد كتب الكاتب البريطاني جون كريزي حوالي ثلاث وأربعين رواية يتحدث فيها
عن تعرض البشرية لخطر مصدره الكوارث البيئية المختلفة أو الخداع البشري.
«الجفاف»، «الغرق»، «الجوع»، «الضباب»، «زوبعة الرياح»، «الأعماق»،
«الرعب»، «الجحيم» كلها عناوين لروايات تهدف إلى التأثير بشكل اصطناعي على
القارئ، وقد صدرت بلغات عديدة.
ليس بعد
الباحثان التشيكيان بوهوميل وفلاديمير بوم كشفا عن أن التقويم المعترف به
حالياً هو خاطئ، وبأن نهاية تقويم حضارة المايا هي خلال عام 2116. هذا يمكن
أن يكون صحيحاً، لأن «الفترة المظلمة» من تاريخ المايا، والتي سيطر فيها
أعداء المايا على امبراطوريتهم، قد حرفت على ما يبدو بالتقويم الذي كان
يدار بشكل دقيق.
كما تم في منطقة كزولتون بغواتيمالا اكتشاف أقدم تقويم لحضارة المايا
مترافقا مع بعض الملاحظات والحسابات. وقد تبين بأنه مستمر من دون أي مشاكل
لفترة سبعة آلاف عام. في هذا السياق، يفيد الأحفاد الحاليون لحضارة المايا
بأنه، وكما تفيد تقاليدهم، ستحدث خلال عام 2012 فعلياً بعض التغييرات
العالمية، لكنها لن تؤدي إلى الفناء. وقد عبر هؤلاء عن غضبهم لكيفية
التعامل مع تقويم أجدادهم والتنبؤات المرتبطة به، ولا يرغبون بالتالي في
استمرار نشر الخوف من احتمال نهاية العالم.
الكاتب الهولندي المعروف بتركيزه على النظريات الغريبة إيربخ فون دانيكين
يشير إلى مقتطفات من كتاب «الكاهن النمر» والتي تتحدث عن عودة سبعة آلهة من
«بولون يوكتي كو». يعود هؤلاء دائماً في نهاية دورة التقويم من النجوم
لفرض نظامهم مجدداً، لكن ماذا لو أن الامر يتعلق بتطور سلمي، نحو الأفضل،
والأكثر تكاملاً؟
أمّا كاهن المايا، عالم التاريخ والانثروبولوجيا كارلوس باريوس، فيعلن في
هذا السياق بأن: «التغيير لن يحدث خلال هذا اليوم فقط، لأن ذلك ليس مثل
ومضة الضوء.. بل سيستمر أعواماً طويلة».
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم