0
كتب د. هاني العقاد
من القمة إلى القمة ومن الحدث إلى الحدث نثور في وجه المحتل كذبا , لاننا بعدها نتوسل إليه ليقبل بمعاهدتنا للسلام , وعند قبوله  نغدق على أسياده الكثير من المال والكثير من التطبيع لكن إلى أن يقبل فإن زعاماتنا تقول أن لا تطبيع ولاعلاقات سياسية و اقتصادية  مكشوفة..! ,ولا لقاءات أمام الكاميرات , تلك هي الإستراتيجية العربية الخاصة بالتعامل مع الكيان الصهيوني  , وبعد القمة نعود مرة أخري إلى قلاعنا المعهودة نأكل ونشرب ونتعايش مع حالة السلام الخفي وحالة التطبيع السفلي وحالة الاحترام الغير واضح والمعلن, بعد القمة تعود الجامعة العربية إلى أروقتها ويعود وزراء الخارجية إلى وزارات بلادهم يتابعوا التقارير التي كتبت عن قممهم , ويعود الرؤساء إلى دواوين بلادهم وكأن المشهد كان للعلاقات العامة والتقاط الصور التذكارية  , وتعود الشعوب إلى مشاهدة المسلسلات من جديد التي قطعت بسبب البث المباشر لأحداث تلك القمم الكاذبة , وبين الفينة والأخرى يعود البعض للاستماع للأخبار  دون الانتباه كثيرا لما يقوله المخبر لان الخبر ما عاد فيه جديد وما عاد يحمل بشري للمحرومين من وطن والمحرومين من عاصمة والمحرومين من الحرية والمحرومين من الوحدة   , وهنا فالأخبار لا تحمل أي تغير على حالنا المأساوي ليس كفلسطينيين فقط وإنما كحال عربي سار حكامه وزعمائه  القدامى والجدد  مع كل الخطوط السالبة عرضا و طولا للابتعاد عن المواجهة الحقيقية مع قوي الاستعمار المغتصب للأرض وثرواتها والإنسان العربي  , من القمة إلى القمة  يفقد الشارع العربي ثقته في قمم العرب وخططهم والداعية لتبنى قضايا الامة   و بدأ الشارع يدرك ما يجري تحت طاولات القمم وما تحتويه صالات المناقشات والبيانات الختامية التي أصبحت نسخ محدثة وبذات اليد التي تكتب كل مرة  , لو كان بيد زعماء الأمة أن تغيروا شيئا في واقع شعوبهم لما تأخروا عن ذلك ودون قمم ودون اجتماعات ودون بكاء على صدور البعض , هي ذات المسالة وهي الكارثة بتفاصيلها لهذا كلنا يعرف أن زعماء العرب ينتقلوا من قمة إلى قمة ومن طاولة إلى أخري ومن بلد إلى أخر دون تحقيق ما يريد الشعب سوي الإبقاء على إرادته المسلوبة .
 
في القمة الكبرى  قال العرب أن  هناك قمة صغري واعتقد ان كلاهما قمم كاذبة , قمة للمصالحة بين الفلسطينيين الذين قسم الوطن بينهم , قمة  يبدءوا من خلالها  بالبحث عن ذاتهم السياسية  الواحدة من جديد , واخشي أن يكون بحثهم هذا في جبل من غبار  يكون  قد دفن فيه مئات الخوازيق  المسمومة  , أنها قمة المصالحة الجديدة التي ستبحث في الوحدة الفلسطينية من جديد وكأننا لا نعرف أن الانقسام كان بإرادة بعض العرب منذ أن حدث وفاتورة الانقسام كانت قد دفعت مسبقا ليحدث ما يحدث الان , تعالوا نعترف أن الانقسام الفلسطيني كان بدافع الدفع من بعض الحكام أو نفر منهم لصالح هدف ليس نظيف وحالة عربية متشتتة و بعدها نصبح على أبواب  مرحلة جديدة تفضي إلى التعلق بالأمريكي وخرائط الطريق الخاصة بالمنطقة وتسير امتنا العربية  على تلك الخرائط وتعلن  قبول دولة اليهود الكبرى وتتعهد بمهادنتها وعدم معاداتها ,  الغريب انه بعد زيارة اوباما فاق العرب من تيههم السياسي و أدركوا أن الحق الفلسطيني قد بدأ يتلاشي بفعل الانقسام وتمادي المنقسمين في انقسامهم على حساب حالة  الاستقلال والتحرر الوطني الذي يفرض حالة الأمن والاستقرار بالمنطقة كلها , ارايتم سبب افاقة العرب , قد يكون اوباما هو الدواء الذي دخل إلى الرأس العربي ليفيق و يعلن قمة استثنائه عربية عنوانها  الأمة العربية "الوضع الراهن وأفاق المستقبل"  ..؟,  لكن إن كانوا قد فاقوا أو لم يفيقوا فإن الأرض الفلسطينية قد نهبت وان الانقسام كان سببا في هذا وبالتالي استحدثت معطيات جديدة في حالة الصراع أمام هجمات إسرائيل وحلفائها بالعالم المركزي, و استخدمت هذه المعطيات من قبل اليهود والأمريكان لصالح أجندات اكبر من وعي العرب , اليوم إعتقد البعض أن تحولا في الموقف الأمريكي نحو الصراع قد حدث بعد زيارة اوباما للمنطقة وتقديم الدعم المتناهي لإسرائيل  , وبعد الانفراج الاقتصادي والمالي العربي تجاه الفلسطينيين متناسين أن هذا ضمن خريطة الطريق الأمريكية الجديدة  التي تقضي بإطلاق مسيرة السلام من جديد ,إلا أن هذا ما يعرف بما فوق الماء وما تحت الماء وتحت زرقته فهو المصيبة الكبرى  التي لا يعرفها سوي القليل المتأمرك ممن قادوا تلك القمم الكاذبة , المصيبة التي قد بلغ بها بعض من العرب و وافق عليها لأنه لا يملك الإرادة للقول لا لأمريكا ولا يملك حق الاعتراض على ما تخططه الإدارة الأمريكية لتبقي إسرائيل دولة فوق الجميع و فوق القوانين و تبقي دولة يهودية لا يقطنها أي عربي مسلم ولا حتى مسيحي  لها مائة حصن عربي قبل حصونها الخاصة .
 

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى