0
جميله الخمعلي- زوايا :
ثمة قصة لها علاقة بحقيقة المجتمع الأميركي تشير إليه مشاهد وسيناريو فيلم «ابن لا أحد»، الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، مع أن الحركة (آكشن) فيه قد تغلب على حقيقة الرسالة المراد منها، وقد تدرجه تحت أفلام الحركة التي تقدم الاثارة والمشاهد العنيفة فقط، لكن وجود آل باتشينو أعطى المتلقي الذي يفكر في حضور فيلم خيارات عديدة، وأنه سيشاهد اداء مؤثرا يعلق في ذهنه، خصوصاً ان فيلم «العراب» مازال حاضرا في ذاكرة الكثيرين. ومع أن آل باتشينو ليس البطل الرئيس، فإن مشاركته الى جانب تشانينع توتام والفرنسية جولييت بينوش في فيلم «ابن لا أحد»، دلالة على أن قيمة تخرج بين طيات الفيلم يريد آل باتشينو أن يكون جزءاً منها.
غالبية المشاهدين أدركوا منذ اللحظة التي ارتبطت فيها أحداث العمل بـ11 سبتمبر، ان الموضوع ليس «آكشن» فحسب، ووضعوا اياديهم على قلوبهم متخوفين من تكرار الصورة النمطية في معظم الافلام الغربية حول النظرة الغربية للعرب والمسلمين، وهذه المرة بتوقيع آل باتشينو. لكن الحقيقة أن الفليم قدم صورة متكاملة عن الفساد الداخلي في المؤسسات الامنية الاميركية وعن جوانب العنصرية التي تتعلق بالسود، والتي مازالت موجودة، وعن تجارة المخدرات والتحرشات الجنسية وغيرها من القضايا التي لم تهتم الادارة الاميركية بمحاربتها، بل ذهبت لمحاربة شعوب أخرى بذرائع وهمية، اشارة الى الحرب على العراق واحتلاله، ولم تهتم بالشأن الداخلي الذي يهم المواطن الاميركي.
الفيلم من إخراج وتأليف ديتو مونتيل يندرج تحت فئة الافلام البوليسية، ويدور حول ضابط شرطة شاب يتم تعيينه في المنطقة التي ولد ونشأ بها، وكان هذا الشاب قد اقترف في صغره، حيث يعيش مع جدته في حي فقير، جريمتي قتل، أنقذه منهما صديق والده القديم (آل باتشينو) المحقق المعروف في ذلك الحي، وتظهر هذه الجريمة القديمة المشكلات الاجتماعية الداخلية في المجتمع الاميركي. وحصل فيلم «ابن لا أحد» على علامة من سبع إلى 10 درجات، وفق تصويت مشاهدين.
ذاكرة
بعد أن يتم تنفيذ قرار نقل الضابط الى حيه القديم، يعود وفي رأسه الكثير من الذكريات تجاه هذا الحي، بدءاً من مشهد عائلته الفقيرة، وذاكرة التمييز العنصري تجاه السود، خصوصاً ان الفترة هي الثمانينات، اذ لا أحد يأبه لقتل رجل اسود، وهذا ما حدث مع الضابط الذي اضطر لأن يقتل رجلا أسود كان مدمنا ومروجا للمخدرات ومتحرشا جنسيا بالرجال، ويكون الحل هو إلقاء جثته في الطريق العام.
وقال طلال مصطفى (24 عاماً) «في البداية وبعدما ظهرت أحداث الفيلم التي تجري عام ،2002 والإشارة الى 11 سبتمبر تأففت، لأنني شعرت بفيلم جديد يريد أن يحكي عن صورة العرب بطريقة سيئة مرة أخرى».
وأضاف «لكن ما إن ظهرت قصة معاملة السود حتى تراجعت عن مغادرة قاعة السينما، لأكمل مشاهدة الفيلم، لأنني تأكدت أنه يريد نقد الادارة الاميركية بطريقة إبراز مشكلات المجتمع التي لم تحل بعد، وهذا بالفعل ما قدمه الفيلم»، مانحا إياه سبع درجات.
في المقابل قال محمد الظاهري (30 عاماً)، «وضعت يدي على قلبي وشعرت بأنني سأشاهد فيلماً يسيئ للعرب والمسلمين، لكن الفيلم اظهر للعالم حقيقة المجتمع الاميركي والفساد فيه، خصوصاً في الاجهزة الامنية»، مانحاً الفيلم 10 درجات.
وكان الايحاء الأول بأن الفيلم ضد العرب والمسلمين رافق أيضاً غالب مصداقي(34 عاماً) «لكني ما لبثت أن اكتشفت أنني أمام فيلم مميز في فحواه ومميز في وجود آل باتشينو نفسه الذي كان اثره الأقوى رغم قلة مشاهده»، مانحاً اياه ثماني درجات.
لعبة خطرة
بعد الكشف عن فحوى الرسالة المراد إيصالها بعد المشاهد الاولى، تنتقل أحداث الفيلم الى آل باتشينو ودوره الذي لعبه مع الضابط، فهو صديق والده ويريد أن يبرهن على أن أميركا هي أم الحريات والتسامح مهما كانت الأخطاء، فهو الذي حمى الضابط منذ صغره، ودفعه ليصبح ضابطا في شرطة نيويورك، فهو يريد أن يبرهن للجميع من خلال نموذج القاتل (سابقاً) والضابط حالياً، على أن أي شخص يستطيع أن يعيش في حرية حتى لو كان له ماض ملطخ بالدم، فحكاية الضابط ببساطة هي حكاية أميركا نفسها التي لطخت أياديها بدماء السود، ودخلت في حروب كثيرة، والسؤال هل بالفعل يحق لها أن تصف نفسها بأرض الحرية. ربما الفيلم يجيب عن جوانب من الحياة الداخلية في الولايات المتحدة.
يجيب منير محمد (30 عاماً): «لا ليست حرة، فالحرية لا يكون ثمنها دماء المقهورين والمظلومين». وقال ان «الفيلم جميل جداً في حبكته وربط الاحداث بمشاهد حقيقية وتاريخ الادارة الاميركية»، مانحاً الفيلم 10 درجات.
بدوره قال محمد يسير (23 عاماً)، ان «الفيلم جميل، وطريقة تسلسل الاحداث مقنعة وليست مملة، وفيه الكثير من الرسائل الجيدة»، مانحاً اياه سبع درجات.
وقال كرم علي (22 عاماً) ان «الفيلم جميل ومشوّق، ويخاطب المجتمع الأميركي كي يقف في وجه تركيز الادارة الأميركية على الشأن الخارجي وإهمالها الشأن الداخلي»، مانحاً اياه 10 درجات.
وأشارت زينب النعيمي (30 عاماً) الى أن الفيلم عندما أظهر خطاباً للرئيس السابق بوش (الابن) يطلب فيه الضرب بيد من حديد على يد أي عابث بأمن البلد، ومن بعدها مشاهد الاحتقان إثر هذا الخطاب على الأميركيين أنفسهم خصوصاً الفقراء منهم، اذ إنه يصور واقع الفجوة بين ما يفكر فيه قادة أميركا واحتياجات المجتمع الحقيقية، مانحاً الفيلم 10 درجات.
ومن ضمن الاشارات الخطرة التي أظهرها الفيلم أيضاً مقولة لأحد الضباط الكبار لزملائه «نحن نقتل، عملنا هو أن نقتل، وهذا واجب وطني علينا القيام به».
«طالما أن الذين يتقلدون زمام الأمن الداخلي (الشرطة) هم مجرمون يدافعون عن أنفسهم بحكم أنهم ينتمون إلى عائلة واحدة، ولا أحد يعكر صفوها، لكن العائلة بالمعنى الذي نعرفه ونألفه ليست موجودة. بل هي عائلات متهالكة يقتلها تأنيب الضمير دون أن تجرؤ على الإفصاح عنه. لن يستطيع الأميركي أن يشعر بأنه ينتمي الى بلاد حرة»، هكذ أجابت تهاني الرشيد (36 عاماً) التي منحت الفيلم خمس درجات «لسوء الاخراج فيه»، و10 درجات «لأداء آل باتشينو»، وفق تقييمها.
وقالت «كي تهنأ العائلة الأميركية التي أرسلت أبناءها الى الحرب على العراق واحتلاله بعد تدميره بذريعة وجود أسلحة دمار شامل التي لم تكن موجودة اساساً، وقتل من أبناء العراق عدد كبير». وأجابت ان «الأيادي الملطخة بالدم ظلماً وتعسفاً لن تشعر في حياتها أبداً بالحرية، لذلك نحن العرب أحرار أكثر منهم بكثير».
إجابة الفيلم
لكن الإجابة التي يقدمها الفيلم تتمثل في أن أميركا نجحت في الرهان وها هي تعيش بحرية وسلام، بعد كل الجرائم الداخلية في المجتمع الأميركي، وتحديدا في إطار التمييز العنصري ضد السود والفقراء والمهجّرين من دول أخرى على حد سواء. هذه الإجابة يستدل عليها من نهاية الفيلم، إذ تم التغاضي عن الجرائم التي اقترفها الضابط الشاب، وتم نقله إلى منطقة أخرى ليعيش مع أسرته الصغيرة بأمان.
لكن الحقيقة تظهر في المشهد الاخير في الفيلم رغم الامان الذي يظهر في الصورة، الا أنه يشير الى أن الادارة الأميركية لن تعيش في سلام، لأن أياديها ملطخة بدماء المظلومين، فالحرية لا تقوم عل كسر أعناق الفقراء والمضطهدين والمظلومين، وفق مقولة الفيلم.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى