0


غزة (زوايا) نجلاء عبد ربه

عشرات البسطات التي إمتلئت بها المفترقات العامة في شوارع غزة المختلفة، يجتمع حولهم مئات الأطفال ليشتروا المسدسات والكلاشينات وأنواع أخرى من الأسلحة البلاستيكية التي تطلق رصاص بلاستيكي إسمه الدُمدم.
وإستعد فادي (9 أعوام) لشراء أحد تلك الألعاب قبل العيد بأسبوع، عندما اقنع والد محمود الفرا بضرورة شراء تلك اللعبة له. وقال لإيلاف 'منذ أسبوع وأنا أقنع بابا بأن يشتري لي سلاح الدمدم في اليوم الأول من العيد، لأن جميع أصدقائي وحارتي سيشترون أسحلة مماثلة'. بدوره قال محمود 'أخشى أن يصيب إبني أحد الأطفال بالدمدم، ولهذا ترددت كثيراً في شراءه إليه، ولكني أشطرت عليه بأن يطلق الدُمدم بعيدا عن الأطفال'.
وعلى الرغم من الدعوات المتكررة بضرورة منع استيراد وتوفير تلك الأسلحة بين يدي الأطفال لما تشكله من مخاطر حقيقية على حياتهم، عوضا عن الإسراف المالي غير المبرر والإزعاج المثير للاشمئزاز الذي يعكر صفو حياة المواطنين، إلا أن إزدياداً ملحوظاً ظهراً جلياً في شراء وإقتناءها عند الأطفال الفلسطينيين.
ولاقى إطلاق النار المزعج عند المواطنين الفلسطينيين حالة من الإستياء، لكنهم في المقابل يرون أنه لا بد من ضرورة أن يفرح هؤلاء الأطفال بالعيد في ظل عدم توفر أياً من البدائل.
يقول سلامة أبو ظاهر، والد 4 أطفال أشترى لهم أسلحة، 'رغم أنني أدرك خطورة تلك الأسلحة وهي في يد أطفالي، لكن لا يوجد بديل لإسعاد هؤلاء الأطفال، فهم مصرون على شراء الأسلحة البلاستيكية لأن باقي أطفال الحارة وأقاربهم أشتروا نفس الشيء'.
ويخشي أبو ظاهر من إصابة احد الأطفال برصاصة دُمدم في عينيه، خاصة بعد تكرار الحوادث في السنوات السابقة من الشيء ذاته، وأدت إلى مشاجرات وصك صلح وغيرها. ويقول 'والله، المفروض لا داعي لإستيرادها، فهي خطيرة على الأطفال جداً'.
حالة من الحالات التي أصيبت قبيل العيد بيومين هو الطفل سمير خالد الذي أصيب بحروق جراء إلقاء مادة متفجرة في وجه كادت أن تفقده عينه اليسرى. يقول والده الذي يلازمه فراش مستشفى الشفاء 'أن عناية الله حالت دون فقدان سمير لعينه جراء الإصابة التي وصفها الأطباء بالمتوسطة'. ودعا الجهات المسؤولة إلى مراقبة انتشار الألعاب النارية في الأسواق تفاديا لوقوع مثل تلك الحالات.
وتستقبل مشافي قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان وإجازة العيد، العشرات من الإصابات التي تتركز في معظمها في الأطراف والعيون، الناجمة عن اللعب بالألعاب النارية والتي تشكل خطورة بالغة خاصة على حياة الأطفال الذين لا يدركون آثارها المأساوية عليهم.
من سلبيات ظاهرة المفرقعات وإطلاق رصاص الدُمدم البلاستيكي، أن الأطفال يفضلون اللعب في محيط المساجد المختلفة وحول المفترقات العامة، فهي تؤدي في غالب الأحيان إلى نشوب مشاجرات أدت في معظمها إلى إشتباكات بالأيدي بين أرباب هؤلاء الأطفال. 
من جهته قال الدكتور فوزي العقاد أن تلك الألعاب والمفرقعات تؤثر سلبياً من الناحية البيئية، وتعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي وكلاهما أخطر من الآخر. وأضاف لإيلاف 'فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار الجسيمة، بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة'.
وأكد الدكتور العقاد إلى أن الشرر أو الحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، تؤدي إلى أضرار جسيمة بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة، فالرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر، إذ تصاب العين بحروق في الجفن والملتحمة، و قد يحصل تمزق في الجفن أوقد يؤدي اللعب بهذه الألعاب النارية إلى دخول أجسام غريبة في العين مما يتسبب في انفصال في الشبكية وربما يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للعين'.
ورغم مما تحمله تلك الألعاب من مخاطر إلا أن العديد من التجار يعتبرونها تجارة رائجة وتعود عليهم بالربح الوفير. وقال أحد التجار لإيلاف 'أن تجارة الألعاب النارية تلقى رواجاً كبيراً لا سيما في المواسم الأعياد'، مشيرا إلى أنه تمكن في الأيام الأولى من شهر رمضان من بيع كمية كبيرة من المفرقعات والألعاب النارية وجني أرباح طائلة لم يكن يتوقعها رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها قطاع غزة.
وقلل هذا التاجر من جدوى الخطوات التي اتخذتها الجهات المختصة لمنع بيع الألعاب النارية التي يتم إدخالها عبر الأنفاق بطرق سرية، وتدر أرباحا كبيرة عليهم.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى