0

 وزير حتى الموت

بقلم د/ حسن بن ناجع آل عسكر العجمي
رغم حزن الجميع على الفقيد الراحل الدكتور الأديب الوزير غازي القصيبي الذي لم يألوا جهداً في سبيل خدمة الوطن الا  الدكتور حسن العجمي أبا الا ان يستغل هذا الموقف ليشير لـ مشكلة تنصيب الوزراء الذين لا يستقيلون ولا يُقالون ولا يتقاعدون في مقال بعنوان ( وزير حتى الموت ) لـ يكون القصيبي مثال حي لأننا جميعاً سنموت وسيبقى الوطن حيً لا يموت.


عفا الله عن الوزير غازي القصيبي وجعله عبرة للوزراء المُعمَّرين في وزاراتهم من بعده ، لأن الوزارة ليست دائماً نعمة وتشريف ومنصب ، ممكن تكون نقمة وتعذيب حتى الموت ، بصراحة أنا ما قد سمعت وزير أو مسئول في الدول المتقدمة مات في الوزارة ، أما عندنا فالمسئول إذا ما مات وزير يموت مستشار أو عضو مجلس شورى ، السؤال : يعني ما في البلد غير هالولد؟؟؟!
أنا معاكم إن القصيبي إداري ناجح ونموذج مشرف للمواطن السعودي الذهبي رحمه الله وعفا عنه ، ولكن إنجازاته انحصرت في الفترة الأولى من حياته في الصحة والكهرباء أما حين أُتي به لإنقاذ الموقف وكأنه جندي صاعقة أو مغاوير لحل أزمة المياه وإصلاح سوق العمل ، فلم يقدم الرجل أي جديد ولم يستطع أن يفعل شيئاً سوى تسببه في مزيد من المشاكل والنكبات ، ولست ألومه لأن الخطأ ليس خطأه فقد كان خارج المملكة لفترات طويلة – يعني بعيد عن مشاكلنا- ثم هو قد بذل كل ما يستطيع ، ولكنه رجلٌ قد بلغ من العمر عتياً ، وقد أستُهلك بمعنى الكلمة ، ولم يبقى له إلا أن يسترخي ويُتحفنا ببعض الروائع الأدبية والفنية قبل أن ينتقل إلى الدار الآخرة ، ومو معقول أبداً يجلس الواحد على كبودنا أربعين سنة والا خمسين سنة وهو مسئول ، يا أخي حل عن سمانا خلي غيرك يشتغل ، أمَّا ما حصل مع القصيبي فهو عبرة للوزراء الذين يُغرَّون بالتجديد الوزاري لهم مرة بعد أخرى وفجأة يجدون أنفسهم في ذمة الله ، حينها يكتشفون أنهم أستُهلِكوا أكثر من اللازم وسيكتشفون أن البيعة كانت خسرانة ، وأنهم لا استمتعوا بحياتهم ولا خلوا غيرهم يعيش حياته ، ولكن قد فات الأوان .
سؤال : هل الوزارة تُقصِر العمر؟ الجواب: مو تقصر العمر تقصف العمر .
طيب كيف ؟
تخيلوا معي أربعون عاماً صالب عُمرك و راز نفسك و لابس بشت و غترة كلها نشأ ، أربعون عاماً تسمع مديح يطيرك فوق إلى حيث ينقص الأوكسجين ، وتسمع توبيخ ينزلك أسفل سافلين إلى حيث ينعدم الأكسجين ، اربعون عاماً تُعلَّق عليك الآمال والآلام معاً ، أربعون عاماً بخور كمبودي يعبق في أنفك ورئتيك ، أربعون عاماً تصب لك القهوة في كل مكان ، أربعون عاماً لا تعيش كالبشر حيث لا جوع ولا عطش ولا برد ولا حر ، أربعون عاماً لا ينقصك شيئ ، اليست هذي الأشياء كفيلة بقصف عمر أعتى إنسان . ومن هذه الزاوية فأنا أعتبر الراحل غازي القصيبي عانى كثيراً في حياته ولم يجد وقتاً لأن يستمتع ويسترخي ولو لفترة بسيطة ، فقد عُذِّب هذا الرجل بالتَّوزير حتى الموت .
باقي عندنا كم وزير في وزارت خدمية(عشان لا أحد يفهمني غلط) أقول وزارات خدمية قد نسج العنكبوت حولهم بيته ، فمنذ سنين طويلة وهم في أماكنهم ، يا جماعة استقيلوا نبي دماء جديدة ، نبي روح الشباب ، نبي نشوف عجلة التنمية والتطور في البلد كما القطار يسير والناس يصعدون فيه وينزلون ، وهو مستمر في المسير ، نبي نشوف حركة ، والله صرنا نفرح لما أحد يُعفى من منصبه!!! حتى لو كان طيب .
ملاحظة أخرى : أشوف بعض الوزراء والمسئولين ، الواحد فيهم ماسك عشرين منصب أقول معقولة ما في غبرهم في هالبلد ، وبعطيكم مثال بسيط – والأمثلة كثيرة- أحد المسئولين في إحدى الوزارات لو تدخل على موقع الوزارة وتقرى سيرته الذاتية تقول هذا إما أنه سوبر مان أو إن السيرة الذاتية هذي لعشرين شخص ، فإضافة لمنصبه هو عضو مجلس خمس وعشرين جامعة ومستشار غير متفرغ لأكثر من وزير، يا أخي حرام عليك بلعت كل الوظائف يا أخي أعطينا فرصة نتوظف!!!،
السؤال : متى يجد هذا المسئول وقت يجلس مع أهله والا يروح الشاليه والا يتمشى في اوروبا!!! متى يجد هذا الرجل وقت يدير أكثر من موقع وأكثر من منصب ؟، (الواحد فيهم ما فلح في منصبه الأساسي عشان تعطيه مناصب إضافية!!!)، والمواطن المسكين قاعدين تناحلونه على وظيفة مدرس ولا يحصلها إلا بعد ما يسوي إعتصام ويُشرف على الموت ، ولما يتوظف تكون الوظيفة دون المستوى الذي يستحقه وبنصف الراتب الذي يستاهله .
ختاماً : أتمنى أن تكون قصة الدكتور الوزير الراحل غازي القصيبي وسيرته دافعاً لكثيرٍ من الوزراء ، في أنهم يشيلون عفشهم ويتكلون على الله ويتركون المجال لجيل جديد يحب الوطن بشكل عملي وغير تقليدي ، ولا يمسكون أكثر من منصب في وقت واحد لأن هذا أمر غير منطقي وغير عملي وبصراحة يقهر .


إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى