0

جميله الخمعلي- القدس:
وسط أجواء يشوبها التوتر والحذر وتغلّفها حالات الطوارئ القصوى، تنطلق غداً الجمعة  "المسيرة العالمية نحو القدس" التي توافق الذكرى الـ 36 ليوم الأرض الفلسطيني.
يشارك في المسيرة التي سوف تخرج من دول الطوق "مصر والأردن وسوريا ولبنان" نحو مليوني شخص حسب تقديرات المنظمين يمثلون 700 منظمة من 64 دولة من قارات العالم الخمس تحت شعار" العالم يريد تحرير القدس".
تهدف المسيرة إلى حشد الرأي العام العالمي تجاه الممارسات الاسرائيلية، والعبث المستمر من قبل الحكومات المتعاقبة بهوية القدس الاسلامية والمسيحية، ويسعى المنظمون إلى تغيير الذكرى السنوية المرتبطة بهذا التاريخ وتحويلها إلى يوم ذي صبغة عالمية ،كما تأتي المسيرة تأكيداً على الدعم العربي والعالمي الشعبي لقضية القدس بأبسط وسائل التعبيرعن الرأي، وصولاً إلى تحقيق حد أدنى من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الممارسات التي تطمس تاريخ المدينة.
والمليونية الدولية نحو القدس قد بدأ الإعداد لها قبل أربعة أشهر مع قوى ومنظمات أهلية غير حكومية من أجل الابتعاد قدر الإمكان عن الحسابات السياسية بين الدول بعضها البعض، وتحددت أماكن انطلاق وتجمع كل مسيرة على حده، ففي الداخل الفلسطيني ستنطلق المسيرات من منطقة شمال ووسط الضفة الغربية بإتجاه منطقة حاجز قلنديا، فيما ستزحف مسيرات من منطقة بيت لحم والخليل بإتجاه شارع 60 وقبة راحيل.
أما داخل الخط الأخضر، فسيتم تنظيم مسيرات في المناطق التي سقط فيها شهداء عام 1976 ويكون التجمع في دير حنا وسخنين، وستنظم أنشطة مماثلة في النقب، بالإضافة الى تسيير عدد من الرحلات إلى القدس، وفي قطاع غزة سيتجمع المواطنون في محيط ميدان الكتيبة وتنطلق مسيرة إلى منطقة التماس،كما يشارك متضامنون دوليون يستطيعون الدخول إلى فلسطين، وفي اليوم نفسه سيتوجه مئات الالاف من الفلسطينيين للصلاة في المسجد الأقصى، وفي مسجد قبة الصخرة، وفي كنيسة القيامة.
وعلى صعيد المشاركة المصرية، فسيشهد يوم الغد تنظيم مهرجان خطابي كبير في الجامع الأزهر تشارك فيه كافة القوى السياسية المصرية نصرة للقدس، وتعبيراً عن الغضب عما يحدث تجاه المقدسات، وسينظم ماراثون رياضي بهذه المناسبة، تحت شعار "القدس لنا" ينطلق عقب صلاة الجمعة من أمام جامعة القاهرة وصولاً إلى سفح الأهرامات،فيما سيكون هناك تجمع آخر في ميدان التحرير، ورحلات نحو مدينة رفح الحدودية، أما  المشاركون على الجانب اللبناني فتم السماح لهم للوصول إلى منطقة قلعة "الشقيف" كأقرب نقطة إلى الحدود مع فلسطين دون الوصول الى السياج الحدودي منعاً لوقوع اشتباكات.
ومن الجهة السورية، ستكون المشاركة رمزية دون أية حشود قبالة الحدود الاسرائيلية في منطقة مجدل شمس بهضبة الجولان مراعاة للظروف التي تمر بها دمشق حالياً، كما شددت القوى الفلسطينية في سوريا على أن أية فعالية بمستوى التوجه إلى الجولان، تتطلب اتفاقاً وطنياً بين مختلف القوى والفعاليات الوطنية والسياسية في الساحة السورية.
وفي الأردن ستتحرك المسيرة من مختلف محافظات المملكة بإتجاه الموقع المحدد بالقرب من منطقة "المغطس" بمشاركة حاخامات من الولايات المتحدة الامريكية مناهضين للسياسة الاسرائيلية، وتعهدت الحكومة الأردنية بالسماح للمشاركين بالتعبيرعن رأيهم نافية ما تردد قبل المسيرة من وجود تحذير اسرائيلي بهذا الشـأن.
ومع ارتفاع وتيرة التضامن الدولي والعربي مع المسيرة العالمية نحو القدس ،رفعت اسرائيل من جانبها نبرة تهديداتها تجاه التعامل مع نشطاء السلام الذين توافدوا للمشاركة في المسيرة لإحياء ذكرى الأرض، وبلغت التهديدات حدتها على لسان وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو صرحوا بأنه سيتم اطلاق النار فوراً على كل من يحاول الاقتراب من الحدود ،وأن من يعمل ضد اسرائيل سيدفع الثمن باهظاً، لكن في الوقت نفسه لم تخف اسرائيل قلقها من تحول المسيرة الى انتفاضة ثالثة ضدها.
وتحسباً لذلك ذكرت مصادر أن الجيش الإسرائيلي استكمل استعداداته العسكرية لمواجهة أية مسيرات خلال يوم الغد وشملت الاستعدادات نشر معدات عسكرية وقناصة فى مناطق من الضفة الغربية، وتعزيز تواجده على الحدود المشتركة مع الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة، حيث تم تجهيز القوات بوسائل تفريق المظاهرات التي سعت إسرائيل لامتلاكها بكميات كبيرة خلال الأيام الأخيرة،و منها رش مادة رائحتها "كريهة" على المتظاهرين، كما أصدرت قيادة الجيش الإسرائيلى تعليماتها إلى القوات المنتشرة على حدود المناطق الفلسطينية بشأن احتمالات إطلاق النار خاصة حول قرى بلعين ونعلين قرب الحاجز الأمنى،  وفي قلنديا شمال القدس وقرية النبي صالح غرب رام الله.
ويوم الأرض الفلسطينى تعود ذكراه الى عام 1976 حينما قامت السلطات الاسرائيلية بمصادرة 21 ألف دونم "الدونم= 1000متر مربع" من أراضي قرى عرّابة وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها للمستوطنات الاسرائيلية  في سياق مخطّط تهويد "الجليل"،على اثر هذا المخطّط قرّر السكان العرب في مناطق عام 1948 بإعلان الاضراب الشامل، متحدّية السلطات الإسرائيلية، وكان الرد الإسرائيلي شديد إذ دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيين العزل.
وفي الأول من مارس 1976 صدرت وثيقة من قبل  لواء الشمال في وزارة الداخلية الاسرائيلية "يسرائيل كينج " سميت فيما بعد بإسمه، وتستهدف هذه الوثيقة إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم وتهويدها، قدم كينج وثيقة عنصرية تضم عشرات الصفحات، دعا فيها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية وبمحاصرتهم اقتصادياً واجتماعياً، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.
أهم بنود الوثيقة: تكثيف الاستيطان اليهودي في الشمال"الجليل"، إقامة حزب عربي يعتبر "أخا" لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام، رفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية، إيجاد إجماع قومي يهودي داخل الاحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في إسرائيل، التضييق الاقتصادي على العائلة العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها.    
ويأخذ إحياء ذكرى يوم الارض هذا العام طابعاً مغايراً للأعوام السابقة، فخلافاً لمسيرة القدس التي ستقام في نفس اليوم ،تحل الذكرى السادسة والثلاثون وسط متغيرات اقليمة وعربية تفرض واقعاً دولياً أكثر دراية من ذى قبل بقضية القدس والممارسات الاسرائلية التي تتم فيها، كما أن اعتراف منظمة اليونسكو بالدولة الفلسطينية دفع المزيد من نشطاء السلام حول العالم للضغط على حكوماتهم لوقف ما يدور من حفريات أسفل المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمناطق ذات القدسية الاسلامية والمسيحية فيها، وهو ما انعكس هذا العام على التوتر البادي على رد الفعل الاسرائيلي تجاه مسيرة القدس، وما قد تخرج به اذا تواصلت الحشود تجاه المناطق الحدودية المطلة على الأاضي الفلسطينية.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى