0
كتب : د. أحمد آل زارب :
نبين هنا المهام التربوية للأسرة في منهجها العلمي الذي هو عبارة عن عملية تسهيل وتوفيق ومواجهة لأعضائها المختلفين في تطلعاتهم وقدراتهم وإمكانياتهم،وتبعاً لذلك فإن المهام التربوية للأسرة ليست في إحضارنا إلى هذا العالم من اجل إطعامنا وتربيتا بمجرد ولادتنا وإنما تتمثل في أكثر من هذا .
ويمكن إجمال المهام التربوية للأسرة في النقاط التالية :
1ـ النمو النفسي:
تعتبر الأسرة الوسيلة المفضلة لتوفير الكثير من حاجات الأفراد التقليدية فالأسرة تميل إلى التعبير عن نمط الاشباعات الحميمة والدائمة للعلاقات الشخصية المتبادلة بين أعضائها.والأسرة هي المكان الرئيسي أو الأساس في إشباع حاجات الطفل النفسية مثل الحاجة إلى الانتماء والمحبة والأمن وتوفير قدر من الطمأنينة،ومن خلال الأسرة يتم النضج الانفعالي للطفل.وعن طريق الأسرة يكتسب الطفل خبراته الأولى في تعامله مع الآخرين كفرد له حقوق وعليه واجبات،كما أن نوع الخبرة والاهتمام اللذين يلقاهما الطفل في السنوات الأولى من حياته يؤثران في اكتسابه الثقة بالنفس وفي تنمية الذات والقدرة على التعامل مع الأفراد الآخرين خارج نطاق الأسرة[1]).كما تسعى الأسرة إلى تعريف أبنائها بأهمية الراحة والاستجمام في حياتهم، وتعويدهم على التمتع بأوقات الفراغ،واستغلالها الاستغلال الأمثل،وكذلك تنشيط الجسم والذاكرة والعقل ، وتحرص على عدم تركهم يعملون ما يريدون دون مراقبة وتوجيه[2]).ويرى أحمد الخشاب أن الأسرة تعد من المؤسسات الهامة في المجتمع لكونها تؤمن لأبنائها الأمن والاستقرار،وهذا يؤثر على سلوكهم وتصرفاتهم بحيث يتكون لديهم الشعور بالثقة،ويتوافقون زمنياً واجتماعياً مع المجتمع الذي ينتمون إليه.
 2ـ النمو العقلي:
يتعلم الطفل في المنزل اللغة والتعبير وطريقة الكلام،وبمجرد تعلمه اللغة تنتقل إليه عن طريق الكلام أفكار الكبار من أفراد الأسرة وآراءهم،وهو يسمع منهم إجابات عن أسئلته المتلاحقة وهذه الطريقة تكون معقولة ومناسبة تساعد ذهن الطفل على مزيد من البحث والتفكير،ومن الأسرة يتلقى الطفل معلوماته الأولى عن الكون والحياة والناس،وكلما كانت هذه المعلومات والأفكار التي تعطي له بعيده عن الخرافات والخيالات،وكلما اتبعت الأسرة حب الاستطلاع لدى الطفل، وكلما توافرت بيئة ثقافية بالمنزل،نما تفكير الطفل ونمت قدراته العقلية بصورة سليمة[3]).وتأكيداً على ذلك أظهرت بعض الدراسات أهمية التفاعل بين الوراثة والبيئة قامة حول النمو المعرفي والذكاء،فكان للبيئة الأسرية أهمية في تحسين القدرات العقلية ويشير فرتون بأن الحدود العامة للقدرات العقلية يكتسبها الطفل من الوراثة،بينما يأتي دور البيئة في تحسينها،ممثلاً في علاقة الطفل مع أسرته حيث تعمل على زيادة القدرات المعرفية لديهم بشكل أفضل وهذا يتوقف على الاستقرار الاجتماعي بين الأبوين.
3- النمو الجسمي:
للأسرة أهمية كبيرة في توفير النمو الجسمي للطفل وذلك بأهميتها بتوفير أسباب الصحة في المنزل كالغذاء الجيد والراحة الكافية،والسكن المناسب وتوفير الرعاية الصحية التي تحرص على تجنب الأمراض قبل وقوعها ، وعلاجها بعد وقوعها ، ولقد أكدت كثيرة من الدراسات[4]).على أن نسبة كبيرة من الأطفال الذي يصابون بالأمراض يأتون من أسر فقيرة غير متعلمة،وأن نسبة وفيات الأطفال في الأسر الجاهلة والفقيرة أكبر من الأسر الغنية والمتعلمة.لذا يحب أن تهتم المجتمعات برفع مستوى وعي الأسرة ومقدرتها على العناية والرعاية الصحية والجسدية بأبنائها،وأن تنظيم البرامج لدراسة مشاكل الأسرة وبخاصة الأسرة الفقيرة والمنجبة للكثير من الأطفال[5]).
4- النمو الاجتماعي:
للأسرة دور كبير في نمو الطفل نمواً اجتماعياً حيث يكتسب الطفل عن طريقها خبراته الأولى في تعامله مع الآخرين كفرد له حقوق وعليه واجبات،كما أن نوع الخبرة والاهتمام اللذين يلقاهما الطفل في السنوات الأولى من حياته يؤثران في اكتسابه الثقة بالنفس وفي تنمية الذات والقدرة على التعامل مع الأفراد الآخرين خارج نطاق الأسرة . وإن للأسرة أهمية كبيرة في اكتساب الطفل لمجموعة من العادات السلوكية التي يمارسها في حياتها[6]).
5- النمو الخلق:
للأسرة دور كبير في اكتساب الطفل الجوانب الخلقية المتعددة والتي تؤثر في سلوك الطفل،فعن طريق الجو العائلي يتعلم الطفل الخير والشر والحسن والقبيح،وما هو مرغوب فيه وغير مرغوب فيه من السلوك ويتعرف على الكثير من الحقوق والواجبات.يبدو أن تأثير العوامل البيئة بالنسبة للسلوك والصفات الخلقية والمزاجية أكثر وضوحاً فمثلاً صفات سرعة الغضب والخوف، والتردد والكرم والشجاعة قد تنتقل إلى الطفل من الكبار والمحيطين به عن طريق المحاكاة والمشاركة الوجدانية،والتفاعل داخل الأسرة ن ومن هنا يأتي دور الأسرة في تكوين الصفات الخلقية السليمة في نفوس الأطفال[7]).

[1]( مصطفى متولي وآخرون ، المدرسة والمجتمع ، ص90)
[2] ( مصطفى خليل لكسواني وآخرون ، مدخل إلى التربية ، ص241)
[3] ( مصطفى متولي وآخرون ، المدرسة والمجتمع ، ص90، محمود شقشق وآخرون، التربية المعاصرة ، ص79)
[4] (مصطفى متولي وآخرون ،مرجع سابق، ص89)
[5](عبد المحسن حمادة، مدخل إلى أصول التربية ، ص43).
[6](مصطفى متولي وآخرون ،مرجع سابق، ص91)
[7]  (عبد المحسن حمادة، مرجع سابق، ص46).

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى