0


بقلم : الأميرة :
بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز

ما هذا إلا عنوان لحالة الفساد المستشري في قضايا الفساد الإداري، وبفضل الله ثم السياسات المتبعة الجديدة نستطيع أن نقول: إن السرقة والاحتيال والنصب أصبحت واضحة، وتوجد في شتى المجالات الشرعية والحكومية والمدنية، فالمثال الأول الذي حصل في منطقة مكة المكرمة في السنتين الماضيتين في محاكم جدة عن مسؤولية بعض من القضاة وكتاب العدل في قضايا التزوير، ما كانت إلا بداية انفراط السبحة لتؤكد وتفضح وتبيّن لنا أن الفساد الإداري مستشرٍ في جهات من المفروض أن تكون هي الأفضل والأشرف والأكثر مصداقية من أي جهة أخرى، حيث إنها مسؤولة عن أرزاق ومصائر العباد في كل المستويات والطبقات، والمثال الآخر ما حدث في المدينة المنورة الأسبوع المنصرم في قضية فساد في محكمة طيبة الطيبة من إصدار صكوك والالتفاف على القوانين، وما خفي لا نعلم إن كان أعظم، فالتستر لم يعد موجودا في الفساد الإداري وخاصة في المحاكم التي من المفروض أن تكون بمنأى عن أي فساد لما تمثله من هيئة أساسية في حياة المواطنين من أحكام تغيّّر مسار وحياة العباد وكل هذا نتيجة استشراء الفساد بين أروقة المحاكم، فما هذه إلا أمثلة تطالعنا بها الصحف وما هي إلا جزء يسير مما يدور على أرض الواقع في شتى المجالات ولكنها سرقات مستورة بنيات بعيدة أن تكون شريفة أو نزيهة، ومنها يتسلق القوي على الضعيف، وتؤخذ الأموال من غير حق ولا استحياء بفضل السلطة التي يحتلها هؤلاء القوم، وهنا أعني بعض أولي الأمانات، ويوجد الكثير من صفحته بيضاء ويخاف العقاب ويحمل هذه المسؤولية التي ائتمنوا عليها، ففي حديث نبوي أن القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة، لما خصه وأكد عليه النبي الأميّ من مسؤولية جليلة للمسؤولين عن مصائر العباد، ومما عرف أنه سينتج عن هذا المنصب من إغراءات دنيوية وصفقات تجارية تدار تحت عباءة السلطة القضائية، وهنا أتساءل ما مدى جذور واستشراء الفساد في هذا الجهاز في شتى المناطق، فهم ليسوا بمنأى عن المساءلة من قبل حكومتنا الرشيدة، وحسب الإحصائيات الأخيرة فإن الفساد العلني والسرقة والتحايل على القوانين موجودة أيضا في هذا الجهاز الذي يتحكم في مصائر العباد والحق العام، وقد توعد الله به أن لا يسامح من يستغله للظلم والعدوان، وهنا أتساءل أيضا ما هي القوانين والتشريعات التي تحكم هذه الفئات، وكيف يتلقون دراستهم ويتخرجون بهذه الصفات وما هي المحاذير والمقادير التي يدرسون بها في الجامعات التي تخرج مثل هؤلاء، والتي أدت إلى الإضرار بالعباد والاقتصاد الوطني، وتمرير الفساد، والحجب الكلي عن المشاكل الكبيرة والكثيرة في الرؤية والمصداقية والسلطة التي أعطيت لهم، فالنتيجة فساد بلا سكون ولا استحياء من رب البرية والعباد، أمام وتحت أنظار الجميع، وبهذا نستنتج أن الكثير مستفيدون، والقلة ساكتون عما يدور في أروقة المحاكم من مظالم، فالأحكام بعضها عرفية وليست قابلة للنقاش والقياس ولا الرّوية، وتأخذ سنوات بل عقودا لتحل أبسط القضايا وأعتاها قوة وعناوينها مدوّية، فإن الأحكام الشرعية مرهونة أحيانا بأهواء القاضي من غير مرجعية، لذا نرى تعطلا للأعمال ومن النادر أن تؤخذ الحقوق إلا بالقوة والنفوذ، وكلنا يعرف ويعيش واقعا ملموسا من تأخر الأحكام وهروب رؤوس الأموال لمناطق خارج الحدود، نتيجة هذا الخلل في هذا الجهاز الذي يعتبر الشريان الرئيس للحياة، فهنا نرى السرقات الجلية من غير استحياء ولا ستر، فالمواطن حتى يحصل على حقوقه المدنية الواضحة الجلية ينتظر شهورا وسنين وعقودا حتى يحصل على أدنى ما تمنّاه من استرداد حقوقه الشرعية، فتتعطل المصالح وينتفع منها الظالم، وتبدد الأموال، وييأس صاحب الحق من استرداد ولو جزء يسير من حقوقه الضائعة بين أروقة المحاكم، وهنا نتساءل من المستفيد ؟ والجواب الحتمي هو الظالم والمعتدي الأثيم!!.
وإن سألنا فالجواب الفوري هذا هو المفروض في الأحكام والتأني من السلامة والسرعة من الشيطان، وإن كانت الأمثلة كثيرة وموجودة عبر التاريخ كيف أن الإسلام أوصى بسرعة حل المسائل وتسهيل الأمور للعباد باسترجاع حقوقهم قبل أن يهرب الظالم وينهزم المظلوم، فأين الامتثال من هذا التشويه لتعاليم ديننا، وهذا ما أصرّ عليه وصرح به مليكنا ونائباه في مناسبات عدة، فالحلول موجودة وأمام أعين ونظر من يريد الإصلاح وانتهاج السيرة المحمدية ثم الأوامر الملكية من تفعيل للقوانين المتستّر عليها حتى لا تستعمل للانتصار على المصالح الشخصية، والمسألة والمحاسبة لكل من يتجرأ أن يلعب بالدّين والشريعة ويأخذها عذرا ومنبرا للأحكام، وبهذا لا يكون الضرر فقط على المواطن ونتيجتها الحتمية الاقتصادية، ولكن أيضا هروب رؤوس الأموال الأجنبية التي لا تجد قوانين مؤكدة لاسترجاع حقوقها القانونية، وبهذا نخسر وتخسر بلادنا سمعتها الإسلامية ومصداقيتها الدولية والمحلية، فكما نرى الآن الاستثمارات الأجنبية موجودة على استحياء لعدم ثقتهم بتفعيل القوانين الموجودة، وليس خافيا على أحد ما أعلن عنه مليكنا من سياسة شفافة وواضحة بعدم التستر على كائن من كان.
هذا غير السرقات التي ما تزال تدار علانية في جمع أموال تقدر بمئات الملايين من الضعفاء والمساكين من غير رقيب ولا حسيب ولا ضوابط قانونية، ولا قوانين جريئة ملموسة فنرى النصب على الإنسان البسيط أسهل من شربة الماء، ومن بعد هذا نسأل أين تذهب أموالنا الوطنية والسرقات علنية، فالقوانين موجودة ولكنها منسية، وهنا أقول يتناساها ذوو المصالح الشخصية، ولا تفعّل حتى لا نصاب بالعجب، ومنها على سبيل المثال قانون محاسبة الوزراء والمسؤولين، وقد أصدر هذا القانون بأمر سامٍ في تاريخ 22/9/1380 هـ برقم 501، وقد ترجم هذا القانون بالفعل والقول والعمل من قبل خادم الحرمين الشريفين بوقفته الشهيرة بإعلان الحرب على الفساد والقضاء عليه، وقد فعلها بالقول والمساندة نائبه الثاني الأمير نايف حفظه الله بوقفته الشجاعة أمام الأجيال القادمة بالإعلان أنه سيكون بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه باللعب على الحقوق وأن الجميع لديهم حق معلوم.
وبهذا نرى أن الأساسات موجودة وموضوعة ولكنها محجوبة، وأن قوانيننا أصبحت ألعوبة بيد من يريد أن يلعب بالأوامر لساحته التنفيذية، فيأخذ ما يريد من القانون ويترك ما يدينه لمصلحته الشخصية، لذا يجب أن يكون المجتمع المدني على دراية وثقافة لمعرفة حقوقه الشرعية التي بنى عليها صقر الجزيرة العربية وأشباله دستورا إسلاميا لكل زمان ومكان، فلنقف وقفة واحدة ونسأل ما هي المعلومات المحجوبة من قوانين ومراسيم موجودة لحماية حقوقنا المدنية والشرعية والاقتصادية، لنعيد الثقة في دستورنا الإسلامي وفي أنظمتنا التنفيذية التي يجب أن تكون واضحة ومكتوبة ومنشورة، لتجلّي الصورة أمام المواطن بأن لديه حقوقا في القوانين الموجودة لحمايته من الظلم والعدوان والتلاعب في أرزاق العباد، وبالتالي نعيد الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب لندخل انظومة جديدة قوية مبنية على أسس إسلامية وأخلاقيات محمدية للعبور بطمأنينة إلى المرحلة الجديدة من سياسة هذه الحكومة التي أوضحت رسالتها الجلية بأن المطلوب من المواطن الثقافة والوعي لمساعدة كيان هذا الوطن للارتقاء للمنظور والأنظومة الملكية التي أرساها ملك الإنسانية، خادم الحرمين الشريفين ونائباه للتصدي لكل من يريد الإضرار بسمعتنا العالمية والمحلية وبكشف المستور وعدم الخوف إلا من الرب المعبود لإجلاء الحقائق أمام ولاة الأمور، لتستقيم الأوضاع ويعم الرخاء، وتعود الأمور إلى نصابها في مجتمع كان من المفروض أن يكون مثاليا لما يحمله من أبعاد وتربة صالحة ورثناها كمنهج حياة من القرآن والسنة وليس من بشر استغلوا المناصب وتلاعبوا بالأوامر والقوانين، مما نتج عنه بنية تحتية هشة لا تستطيع الصمود أمام هذا الكم الهائل من القيود التي كبّلنا بها لجهلنا بالموجود من قوانين وثقافة وطنية .
همسة الأسبوع:
إن الله حرم الظلم على نفسه وحرمه على العباد، فخذوا حذركم أيها السادة من الظلم فإنه ظلمات، ليسطع نور الإسلام وينتصر على الظلم والعدوان.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى