مشاريع الدعم النفسي
تقرير - أحلام الكفارنة - غزة
لقد تركت الحرب على قطاع غزة , أثر في نفوس المواطنين , فبعد مرور عامين على الحرب مازالت مشاهد القتل والتدمير تسيطر على أنظارهم , وتحرمهم من العيش بعيدا عن المشاهد الدموية التي أرقت نومهم , ولاحقت ذكرياتهم , وما زال الأطفال يروون مشاهدا حفرت في عقولهم منذ عامين , وكأنها وقعت بالأمس , مما خلف العديد من المشاكل النفسية عندهم ولذلك كان لبعض من مؤسسات القطاع مشاريع لتقديم الدعم النفسي للنساء والأطفال الذين تعرضوا لأضرار الحرب .
قال محمود سالم المدير التنفيذي لجمعية الوداد قال إن الجمعية أقامت عدة مشاريع للدعم النفسي, ومنها مشروعا بتمويل الإغاثة الإسلامية بعد الحرب مباشرة حيث استهدف المشروع أربعين مدرسة من المدارس في الأماكن التي واجهت أضرار الحرب ,موضحا أن المشروع قد استفاد منه ستة وثلاثون ألف طفل من خلال فريق عمل احتوى مائة مرشد ومنشط نفسي واجتماعي ومن خلال تلك الجلسات تم تحديد الأطفال المحتاجين للدعم النفسي بشكل خاص .
وأكد أبو خليفة أن الجمعية أقامت مشروع " بناء " بالشراكة مع مركز فلسطين للصدمة النفسية وعمل على تقديم الدعم النفسي للأطفال من خلال زيارة الأسر في مناطق شرق غزه , والوسطى , والمغراقة وجحر الديك وقد استمر المشروع لمدة سنة وانتهى في شهر سبتمبر الماضي مضيفا أن الجمعية أقامت مشروع تأهيل نفسي لضحايا الحرب في أماكن الاشتباكات بالمناطق الوسطى وشرق غزه , من خلال زيارة الأخصائيين النفسيين للأسر, ومتابعة الحالات المحتاجة للدعم النفسي وتقديم الدعم المناسب لهم.
وأوضح أنه تم إقامة مشروع "تعزيز خدمات الصحة النفسية المجتمعية " في شرق غزة وجباليا بتمويل مؤسسة MAB حيث عمل على بناء قدرات اثني عشر مؤسسة محلية في القطاع من خلال تدريب موظفيها للتعامل مع الأشخاص المتضررين من الحرب و المحتاجين للدعم النفسي , وتم تنفيذ ورشات عمل حضرها خبراء نفسيين , وان الجمعية أصدرت مجلة "خطوة "لمناقشة القضايا النفسية والاجتماعية لمتضرري الحرب .
وأضاف أن الجمعية تقيم حاليا مشروع للدعم النفسي للأطفال بتمويل مؤسسة تعاون وقد استهدف الأطفال والنساء من خلال جلسات إرشاد وتثقيف نفسي للتعامل مع الأطفال وقت الأزمات , مشيرا أن الجمعية أقامت مشروع تحسين نوعية الحياة والرفاهية لأيتام الحرب بالتعاون مع مؤسسة التعاون واشترك في المشروع مجموعة من المؤسسات وتم التعامل مع الأيتام بجميع الفئات من أطفال وشباب ,من خلال تقديم الدعم النفسي والمساعدات لهم وسيستمر المشروع لمدة عشرين سنه .
وأكد أن الجمعية تهدف من خلال المشاريع إلى تنمية وتأهيل المجتمع المحلى في الجوانب النفسية والاجتماعية , ووجود مجتمع متوازن تسوده العدالة وحقوق الإنسان , والتمتع بالسلم الأهلي والمجتمعي .
قصص نجاح
أما عن قصص النجاح التي جسدتها مشاريع الجمعية فقد روت لنا إيناس أبو سليم منسقة المشاريع " الطفلة يارا عشر سنوات التي استشهد والدها أثناء الحرب حيث قصف المنزل وبعض المنازل المجاورة وكان خبر استشهاد الأب بعد يومين من القصف عاملا مفجرا لظهور الاضطرابات عند الطفلة وكانت عصبية الأم وقلقها الزائد الذي تم إسقاطه على الطفلة بمثابة الأرضية الخصبة لتفاقم الأزمة عندها, وظهور بعض الأعراض مثل الخوف الشديد , والعزلة حيث كانت تاخد الأماكن المنعزلة من البيت , ولا تخرج منه وتبتعد عن أمها التي كانت تضربها لكثرة أسئلتها عن والدها والأحداث التي وقعت ,وأصبحت تعاني أيضا من قلة التركيز وتشتت الانتباه "
أما عن العلاج النفسي فقد أكدت إيناس أن الجلسات بدأت مع الأم فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الطفلة خاصة في مجال الاتصال والتواصل, بعد لقاءات التعرف وبناء الثقة مع الطفلة وقد استمر لعدة جلسات , تم تدريب الطفلة على آليات ووسائل التكيف للاتصال من خلال عرض مثيرات تتمثل في عرض بطاقات تحمل عدة معاني ويتوقع منها حدوث استجابة لسلوك الطفلة , ثم عرض مجموعة من الألوان ويطلب منها التلوين والتعبير عن البطاقات من خلال برنامج تدريب على تخفيف حدة الخوف , وتكميل الصور حول أحداث سابقة ثم تدريبها على التعبير والوصف لتلك الصور, وكانت الطفلة تبدي تعاون جيد في التعبير وقد كانت الأم تشاهد ذلك فقد تحسنت سلوكيات الطفلة في المشاركة مع الآخرين بنسبة سبعين بالمائة .
وقالت "الطفل سليمان إحدى عشرة عاما أصبح يعاني من اضطرابات في النطق بعد الحرب حيث يعيش في منطقة مرمى للصواريخ , وقد تم ملاحظه تأتأه شديدة في كلامه , وأصبح يكره الخروج من المنزل , ويرفض اللعب مع إخوانه , ويرفض مشاهدة التلفاز واللعب على الكمبيوتر , وأصبحت علاقته بالمحيط الأسري سيئة للغاية , وذلك بسبب تواجده في منطقة القصف وفقدان مجموعة من أقاربه .
وقد بدأت جلسات المتابعة الإرشادية مع الأسرة , وتم تدريب الطفل على آليات ووسائل النطق اللغوي , وتدريبه على عدة أنشطه منها ميكانيكية التنفس,والاسترخاء , وتدليك وجهه , وتدريبه على النطق بكلمة واحده من خلال عشر بطاقات مألوفة , وقد كان الطفل يبدي تعاون جيد وتحسن بنسبة ستين بالمائة .
الدعم النفسي بالدراما
وأكد يحيى إدريس مدير المشاريع في جمعية بسمة للثقافة والفنون أن الجمعية أقامت عدة مشاريع منها مشروع التخفيف من المعاناة وبث الأمل في نفوس الأطفال بدعم من مؤسسة war child Holland وهي مؤسسة دولية متخصصة في برامج الدعم النفسي للأطفال , ويهدف المشروع إلى المساهمة في حماية حقوق الأطفال من عمر ثمانية إلى خمسة عشر عاما , ممن عانوا ظروف نفسية قاسية, وذلك من خلال تقديم عدة أنشطة ,منها ستين عرض مسرحي في المدارس الحكومية والمدارس التابعة لوكالة الغوث بالإضافة إلى تقديم خمسة عشر ورشة في الدراما وقد استمرت كل ورشة ثلاثة أسابيع للتفريغ النفسي من خلال الدراما وصناعة الرسوم المتحركة للأطفال مضيفا أنه تم تنفيذ برنامج من"طفل إلى طفل" لتدريب الأطفال على تقديم عروض مسرحية وتقديم عشرين عرض مسرحي لأطفال المدارس بالإضافة إلى تنفيذ دورة تدريبيه لمعلمين في مدارس الحكومة حول كيفية دمج التعليم مع الدراما , وسينتهي المشروع في ديسمبر الحالي مشيرا إلى نجاح المشروع حيث استفاد منه سبعة وأربعين ألف طفل وطفله في القطاع , مما دعا الجهة الممولة إلى تمويل الجمعية لإقامة مشاريع عام 2011.
وأضاف أن هناك مشروع بعنوان " أنشطة ثقافية وترفيهية " للمساندة النفسية باستخدام المسرح للأطفال وسيتم تنفيذه في يناير 2011 بدعم من مركز تطوير المؤسسات الأهلية في غزة , ويهدف المشروع إلى تحسين البيئة المحيطة للأطفال الذين يعيشون ظروف حياتية صعبة للتغلب على حرمانهم وحزنهم وسيتم من خلاله تقديم مسرحية وادي الزيزفون وتقديم ورشات دراما وعروض سينما "فيديو" للأطفال في المدارس .
وأوضح إدريس أن التفاعل كان شديد جدا من قبل الأطفال حيث تم إشراكهم من خلال طرق جديدة وغير تقليدية , متمثلة بالدراما والألعاب مما أتاح لهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم بحيوية كاملة مشيرا أن هناك تنسيق مع المدارس لاختيار الأطفال المحتاجين للرعاية الخاصة بسبب تعرضهم للعنف والقتل والتدمير أثناء الحرب .
إرسال تعليق
جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم