0

 حفر الباطن (زوايا) ناصر غالب القحطاني

حفر الباطن عاصمة "الربيع"

حينما تقترب من محافظة حفر الباطن إحدى محافظات المنطقة الشرقية سيحملك الشوق لتبحر في أعماقها ستكون في موعد مع الاصالة وعبق التراث البدوي الأصيل وإطلالة مع البداوة والبادية وشهامة الرجال فبعد ان قطعت مسافة كبيرة وانا في طريقي من الجنوب وتحديدا محافظة خميس مشيط مساء الاربعاء الماضي وبعد ان مررت بالعاصمة الرياض قال محدثي ان الافضل أن أسلك طريق القصيم حتى اصل الى الهدف من زيارتى حفر الباطن حيث مررت بمحافظات ثادق والمحمل والغاط ورماح وحريملاء وغيرها حتى وصلت الى المجمعة ومنها عبرت الطريق عبر الارطاوية متجها الى حفر الباطن التى تقع على الحدود السعودية الكويتية 


 جانبامن التطور في حفر الباطن
 وبحسب ماقرأت عن حفر الباطن فقد كانت   في القرن الهجري الأول مجرد طريق في براري بني العنبر من تميم تضطر لاجتيازه الحجاج بين العراق والجزيرة العربية وتعددت الشكاوي من ندرة الماء في هذه المفازة وبلغ الأمر والي الأمر الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري رضي الله عنه الذي تولى الإمارة في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فتجرد لمعاجلة المشكلة. قال ياقوت الحموي في معجم البلدان : ( ولما أراد أبو موسى الأشعرىفي حفر ركايا الحفر قال: دلوني على موضع بئر يقطع بها هذه الفلاة قالوا : هو بجة تنبت الأرطى بين فلج وفليج فحفر الحفر وهو حفر أبو موسى بينه وبين البصرة خمس ليال , وجاء في وصف الآبار (...وهي ركايا مستوية , بعيدة الأرشية ,يسقى منها بالسانية , وماؤها عذب ). فجاء هذا الماء العذب في منتصف المسافة بين البصرة خمس ليال فجاء هذا الماء العذب في منتصف المسافة على طريق الحج كما احب ابو موسى, والتي بلغت أكثر من سبعين بئرا. وهكذا كانت المنطقة التي اختيرت موقعها للحفر غنية - وقتها- بالأرطى ,وقد يستنكر البعض نبت الأرطى في شعاب الأودية على اعتبار أنها لا توجد اليوم إلا في رمال النقود ولكن ربما كانت أشجار الارطى في الرمال قريبة على جانبي شعب الوادي أو ربما طرأت على البيئة تغيرات في المناخ أدت لانحسارها. وهكذا نجح أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في اختيار المكان المناسب هناك بين فلج وفليج أي وادي الباطن الحالي وبين وادي فليج الصغير حيث كانت تكثر أشجار الأرطى والعوسج وفي أعمق نقطة من شعب الوادي تم حفر الآبار المطلوبة وكان عدد الآبار في البداية خمسة آبار وكان ذلك عام 17هـ أو بعده بقليل حتى وصلت الآبار إلى سبعين بئراً وزيادة وهو عدد هائل في مساحة محدودة من هذه النقطة مما جعل آبار الحفر من أشهر مياه العرب . وقد ورد في المعجم الجغرافي وصف نادر ودقيق لآبار الحفر نحو سنة 1320هـ أي قبل حوالي مائة سنة نقلاً عن كتاب دليل الخليج الصادر عن ديوان حاكم قطر حيث تقلص عدد آبار الحفر من سبعين إلى أربعين وهي كما يلي :- عدد آبار الحفر أربعين منها إحدى عشره ماؤها صالح , وهي تقع في سهل واسع يبلغ قطر دائرته ثلاثة أميال والمسافة بين تلك الآبار تتراوح بين ربع ميل إلى 100 ياردة وعمق الماء به نحو 30 قدماً وهي مياه فاترة ويتصاعد البخار من أفواه الآبار عند الصباح ويستخرج ماؤها بالسواني لبعد قعرها. أسماؤها : آبار أبي موسى : بهذا دعيت المنطقة بعد أن نجح أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في استنباط الماء من عدد كبير من الآبار التي حفرت في هذا القفر الشاسع من حولها ليجد المسافرون عندها الري والراحة والأمان وهي تسمية متوقعة عرفان بهذا الصحابي الجليل. حفر أبي موسى : استبدل بكلمة ( آبار ) كلمت ( حفر ) لأن كلمة الحفر بسكون الفاء مرادفة في اللغة لكلمة البئر فضلاً عن وقوع البلدة في نقطة عميقة من الوادي كأنها حفره كما يظهر ذلك في وضوح أمام القادم من خارجها. حفر بني العنبر : كما نسبت المنطقة أيضاً إلى بني العنبر باعتبار أنهم كانوا يسكنون وادي فلج قبل حفر آبار الحفر في عهد أبي موسى الأشعري , وقد كان فلج بلاد لفروع من ربيعه بن بكر بن وائل وغيرهم فأزالتهم بنو تميم عند ظهور الإسلام وحلت فروع منهم كبني العنبر وغيرهم هذا الوادي وأصبح من منازل عدي بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم. ويحدد المؤرخ حمد الجاسر نقلاً عن كتاب العرب منازل بني عدي بن جندب بأنها ... بطن فلج من طريق مكة وملكهم من الطريق ما بين ذات العشر إلى الرقيعي ...). ومعنى هذا أنهم كانوا يعيشون في وادي الباطن وبالتحديد في المنطقة التي تمتد من أم عشر إلى الرقعي من طريق الحج المعروف ولهذا ولى أبو موسى المنطقة بعد حفر الآبار واحد من بني العنبر وهو الصحابي سمره بن عمرو بن قرط العنبري. حفرالباطن : وهذا هو ما انتهت إليه التسمية وتحول الناس إليها وهجروا تقريباً التسميات السابقة حيث أعادوا إضافة الكلمة إلى اسم الوادي الكبير الذي يحتضن بلدتهم.

وحفر الباطن هي   احدى  المحافظات العشر التابعة لإمارة المنطقة الشرقية(الدمام) والتي تضم محافظات الاحساء والجبيل والقطيف والخبر والخفجي ورأس تنورة وابقيق والنعيرية وقرية العليا :
وبدأت نشأة مدينة حفر الباطن كاستراحة لقوافل الحجاج والتجارة للقادمين من والى العراق كمركز رئيسي للتزود بالمياه حول آبار المياه التي عرفت واشتهرت بآبار أبي موسى الأشعري الذي أمر بحفر تلك الآبار 
ومنذ ذلك الوقت بدأت القبائل في النزوح والاستقرار حول هذه الآبار وذلك لوجود موارد المياه بها ومناطق الرعي حولها بداية في بناء بيوت الشعر والصنادق المقامة من الخشب والحديد وكان ذلك إيذانا ببداية استقرار واستيطان تلك القبائل وظهور مدينة اسمها حفر الباطن 
 مجسم الدلو بحفر الباطن بدوار شهير
 

وتقع محافظة حفر الباطن شمال شرق المملكة في وادي منخفض لهضبة الصمان عند التقاء وادي الباطن مع   وادي فليج ، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 210 متر على خط طول ( 58˚- 45˚ ) شرقاً ، وخط عرض ( 25˚- 28˚ ) شمالاً ، وتبعد عن  العاصمة الرياض  بحوالي 500 كيلو متر.
وتكتسب اهميتها كونها ملتقى طريقين دوليين  
الأول: يمتد من الرياض والمنطقة الوسطى إلى حفر الباطن   ومنها إلى الكويت 
الثاني: طريق الشمال ودول مجلس التعاون الخليجي مروراً بحفر الباطن بمحاذاة خط التابلاين إلى الأردن ومصر وسوريا ولبنان ومنها إلى تركيا ثم إلى اوروبا. كما أنها تقع بالقرب من مدينة الملك خالد العسكرية واعتمادها عليها في خدماتها، كل ذلك جعلها من المدن سريعة النمو واكسبها أهمية كبيرة كمركز تجاري 

  ويغلب على مناخ حفر الباطن المناخ قاري صحراوي تتفاوت فيه درجات الحرارة تفاوت كبير بين الليل والنهار وكذلك بين فصول السنة الشتاء والصيف . حيث تتراوح درجات الحرارة العظمى في الصيف بين(42)      و (50) درجة مئوية  وتصبح معتدلة ليلاً. أما في فصل الشتاء فميل الجو للبرودة نهاراًً وتنخفض درجات الحرارة ليلاً وفي ساعات الفجر لتصل إلى أدني مستوياتها بين الصفر المئوي و( 5 ) تحت الصفر المئوي. وتكثر العواصف الرملية في أواخر فصل الربيع وفي فصل الخريف .
    
أما الأمطار فهي قليلة عموماً وتسقط خلال فصل الشتاء. إلا أن أمطار المنطقة عبارة عن أمطار موسمية تتميز بشدة عالية خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً لذلك عادة ما ينتج عنها سيول ومياه جارية تنحدر عبر أودية  وشعاب المنطقة
احدى الطرق التى تربط حفر الباطن بما جاورها

لحظات استرخاء في شقق "بانوراما"
قررت ان اعبر الطريق الدولى الذى يربط بين حفر الباطن بالكويت امس الجمعة وعند الساعة الثامنة صباحا تقريبا عبرت  الطريق  مرورا بذلك الجسر الذى يقع على مشارف واد مرورا بمجمعات سكنية حتى وصلت الى منفذ الرقعي الذى يبعد عن محافظة حفر الباطن قرابة ال90 كيلا فمنفذ الرقعي على الحدود السعودية الكويتية يعد من اهم المنافذ حيث تتهيأ فيه كتفة الخدمات الأمنية والصحية والترفيهية وقد بلغ اجمالي ماتم صرفه على  المنفذ قرابة ال15 مليار ريال سعودي وبعد ان انهيت اجراءات دخولى الى منفذ الرقعي وصولا الى دولة الكويت الشقيقة أجتزت المنفذ وتمكنت من الدخول حيث مررت بمخيمات سكنية يقال ان تلك الخيام يقطنها عائلات من "البدون" وهم يعانون الأمرين مع الحكومة الكويتية وبعد ان مكثت فترة من الزمن لفترة لم تتجاوز الساعتين بالكويت عدت ادراجى الى المنفذ السعودي ، حتى وصلت الى حفر الباطن لاتأمل الاصالة والتراث واستوقفنى ذلك المجسم الذى يمثل دلوا ومايسمى ب"القربة" التى تنقل الماء تجولت في المحافظة وشوارعها الفسيحة وانا المح عدد من باعة الخضار والفواكه يتوزعون على  الشوارع لبيع ماجادت به الارض ولأعود ادراجى الى حيث اقيم في شقق "بانوراما" بشارع الامير سلطان بن عبد العزيز ولمحافظة حفر الباطن قصص من التنمية فقد تحققت فيها جوانب النمو التطور الصحي والامنى والتعليمي ولاجتماعي لايعكر صفو هدوء لياليها القارسة سوى اصوات صرير عجلات شباب يعشقون التفحيط رغم الغياب الواضح للدوريات الامنية
وتأتي عائلات كويتية لتتبضع في اسواق محافظة حفر الباطن فالمسافة لاتبدو كبيرة مع الكويت الشقيقة تقترب لحظات المغيب لأستعد للرحيل باتجاه حائل الاثنين القادم بمشيئة الله ستكون لى هناك وقفة اخرى

 احدى الشوارع الداخلية بالحفر
< >

إرسال تعليق

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى